إغتيال السفير الفرنسي في لبنان على يد مسلحين

إغتيال السفير الفرنسي في لبنان على يد مسلحين

 

كتبت: حنان القاضى

فى مثل هذا اليوم 4 سبتمبر 1981م تم اغتيال السفير الفرنسي في لبنان لويس دولامار بالرصاص في بيروت على يد مسلحين وهو في السيارة في طريقه من السفارة إلى مقر إقامته، وينسب اغتياله إلى المخابرات السورية.

“تلقت منظمة العفو الدولية في السنوات الأخيرة عدداً متزايداً من أنباء إعدام أو قتل أفراد معنيين أو مجموعات خاصة من الأفراد بواسطة قوات الأمن السورية دون اتخاذ إجراءات قضائية، وهي حالات ترى منظمة العفو الدولية أن ضحاياها أفراد قتلوا عمداً وبغير سند قضائي وذلك بسبب معتقدات سياسية واقعية أو مزعومة، أو بسبب معتقدات تمليها عليهم ضمائرهم، أو بسبب أصلهم العرقي، أو جنسهم أو لون بشرتهم، أو لغتهم. وكان قتلهم بناء على أمر من الحكومة أو بالتآمر معها، وهي حالات تختلف اختلافاً بيناً عن حالات الإعدام القانونية التي تحكم بها المحاكم بعد أن يدان المتهم بارتكابه جرماً يستوجب الإعدام، ولهذا فهي حالات قتل متعمد غير شرعي، وتختلف أيضاً عن استخدام القوة المسموح بها في تنفيذ القوانين، وعن القتل المسموح به في المعارك الحربية مما تجيزه القوانين الدولية التي تنظم سير الاشتباكات المسلحة، وهي حالات خارجة عن الإجراءات القضائية وتتنافى مع القوانين القومية وتتجاهل المواثيق العالمية التي تحول دون حرمان الشخص من حقه في الحياة.

وبالإضافة إلى هذا فقد تلقت منظمة العفو الدولية مزاعم حول قيام قوات الأمن بالتخلص من عدد من المناوئين للحكومة السورية المقيمين خارج البلاد، ونورد هنا ست حالات اخترناها من بين العديد من الحالات التي تلقتها منظمة العفو الدولية، ولم تتمكن المنظمة من القيام بتحقيق وافر عن الظروف الحقيقية التي تمت فيها، ولكنها تشعر بانزعاج شديد لهذا العدد المتزايد وللأسلوب الذي يتبع في مقتل هؤلاء الأفراد.

وقد تقدمت المنظمة في السنوات الماضية برجاء إلى الحكومة السورية أن تشكل لجان تحقيق للنظر في تلك الحالات وأن تذيع نتائج التحقيق، ولكن الحكومة لم تستجب إلى رجائها. ن طبيعة النظام في سورية الذي لا يحتمل وجود أية معارضة لها، سواء كان داخل سورية أو خارجها، من السوريين أو العرب أو الأجانب، لذلك فقد عمد لتنظيم حملات تصفية جسدية للمعارضين ضمن خطة تلتقي في نهجها وأهدافها مع خطوط الإرهاب الدولي وهذا طبيعي بالنسبة لكل نظام إرهابي كنظام حافظ أسد.

ويمكن تعداد الاغتيالات والتصفيات الجسدية على سبيل المثال لا الحصر..
أولاً: الاغتيالات التي تمت داخل سورية:
1 – الدكتور المهندس خضر الشيشكلي نقيب المهندسين الزراعيين في حماة اغتيل في نيسان 1980 بعد كسر يديه.
2 – الدكتور عمر الشيشكلي – نقيب أطباء حماة، نقيب أطباء العيون في سورية اغتيل في نيسان 1980 بعد قلع عيونه.
3 – الدكتور عبد القادر قندقجي الذي اغتيل في حماة نيسان 1981.
4 – الدكتور أحمد قصاب باشي الذي اغتيل في حماة في شهر نيسان 1981.
5 – المحامي برهان الدين عطور نقيب محامي فرع اللاذقية الذي اغتيل في مدينة اللاذقية في نيسان 1980 بعد حل نقابة المحامين.

ثانياً: الاغتيالات التي تمت خارج سورية:

1 – اغتيال السيد محمد عمران نائب رئيس وزراء سورية الأسبق، في مدينة طرابلس – بلبنان يوم 14 /3 /1972.
2 – السيد كمال جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، الذي اغتيل يوم 16 /3 /1977 لمعارضته التدخل السوري في لبنان.
3 – الأستاذ صلاح الدين البيطار – رئيس وزراء سورية الأسبق ورئيس تحرير صحيفة الإحياء العربي الذي اغتيل في باريس يوم 20 /7 /1980 بعد نشره عدة مقالات في الصحيفة يحلل فيها طبيعة النظام السوري القمعية ومطالبته بإطلاق الحريات العامة.
4 – الصحفي رياض طه – نقيب الصحفيين في لبنان الذي اغتيل في بيروت يوم 23 /7 /1980.
5 – السيد عبد الوهاب البكري الذي اغتيل في عمان يوم 30 /7 /1980 وتمكنت السلطات الأردنية من إلقاء القبض على القاتل في سيارة دبلوماسية كان يقودها السكرتير الثاني في السفارة السورية بعمان.
6 – الصحفي سليم اللوزي رئيس تحرير مجلة الحوادث اللبنانية الذي اختطف في لبنان وصفي جسدياً في 4 / 3/1981 وشوّه جسمه وقطعت يده بعد تجريدها من الجلد واللحم، لكتابته عدة مقالات ضد النظام السوري.
7 – السيدة بنان الطنطاوي زوجة السيد عصام العطار التي اغتيلت في مدينة آخن الألمانية بتاريخ 15 /3 /1981.
8 – السفير الفرنسي في لبنان السيد لويس دولامار الذي اغتيل في بيروت يوم 4/ 9/ 1981 والسبب في ذلك يعود إلى محاولته ترتيب لقاء بين السيد ياسر عرفات ووزير الخارجية الفرنسي بمعزل عن النظام السوري.
9 – السيد نزار الصباغ الذي اغتيل في مدينة برشلونة في إسبانيا في 22 تشرين الثاني 1981.
10 – العميد سعد صايل (أبو الوليد) القائد العسكري الفلسطيني الذي اغتيل في البقاع اللبناني في 27/ 9/ 1982.
11 – الصحفي ميشيل النمري رئيس تحرير نشرة (النشرة) الذي اغتيل في أثينا اليونان يوم 18 /9 /1985 بعد كتابته عدة مقالات عن أزمة الديمقراطية في سورية.

نظمت مرافعات السفير لويس دولامار في مبنى “بيت المحامي”، أمام حشد من النواب والديبلوماسيين والققضاة والمحامين، أعضاء من الجالية الفرنسية في لبنان وطلاب مدرسة الليسيه اليزيه وقد دافع كل من أنطوني فغالي المحامي المتدرج في نقابة المحامين في بيروت وغوتييه بولان المتدرج في نقابة المحامين في الهو دو سين (نانتير-فرنسا) عن “حرية الصحافة وحق المجرم في إعادة الإدماج الاجتماعي تباعا”، وحصدا جائزة مباراة السفير لويس دو لامار التي جرت في “بيت المحامي” برعاية السفير الفرنسي برونو فوشيه ونقيب محامي بيروت أندره الشدياق.

وتأسست مباراة المرافعات التي تجري هذا العام بنسختها السابعة على يد رئيس لجنة العلاقات الدولية في نقابة المحامين في بيروت، المحامي جو كرم، عام 2012، بالتعاون مع السفارة الفرنسية ونقابة المحامين في كاين (نورماندي) وبمشاركة مؤتمر التدرج في نقابة المحامين في باريس، تكريما للويس دو لامار، سفير فرنسا السابق، المدافع عن حقوق الإنسان الذي اغتيل في بيروت بالقرب من قصر الصنوبر في 4 أيلول 1981 واختار الفائز اللبناني أنطوني فغالي، المرافعة عن قضية حرية الصحافة عبر وصم عملية تعذيب واغتيال سليم اللوزي، رئيس تحرير جريدة “الحوادث” الأسبوعية عام 1980. وقال فغالي: “بجسارته وشجاعته، تجرأ سليم اللوزي على إدانة التدخلات الخارجية والمؤامرات التي غذت الحقد والحرب في لبنان”، مستنكرا “إفلات المجرمين من العقاب بعد 38 عاما على موته”. وأضاف: “بعد مرور 70 عاما على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ما انفكت الاعتقالات العشوائية والإذلال والتعذيب والتهديدات بالموت والقتل تستمر”.

أما الفائز الفرنسي غوتييه بولان بجائزة دولامار، فدافع عن حق المغني برتران كانتا في إعادة إدماجه الاجتماعي بعد إمضائه عقوبة 8 سنوات في السجن، فرضت عليه عام 2003 في دولة ليتوانيا، لقتله شريكته الممثلة نادين ترينتينيان. وأسف بولان لأن المحكوم كانتا “أراد العام الماضي استئناف مسيرته المهنية لكنه لاقى الكثير من الإهانات وكان عرضة لتظاهرات عنيفة ومبالغ فيها أجبرته على الانسحاب وإعلان وفاة مسيرته الفنية”، مناشدا الرأي العام “عدم تنصيب نفسه قاضيا”. وحذر من أنه “ما إن تصدر العقوبة وتنفذ، لا يمكن لأحد رمي الاتهامات جزافا، حيث أننا إذا أردنا أن نحل محل المحاكم، فعلى العدالة الفعالة السلام”.

وتألفت لجنة التحكيم، بالإضافة إلى النقيب الشدياق والسفير فوشي وفورج وأونرايد وكرم والسيدة نويري، من إليزابيث غاي، ملحقة التعاون في المعهد الفرنسي، غوندال رويار، النائب عن إقليم موربيهان الفرنسي وعضو لجنة الدفاع في البرلمان الفرنسي، النائب طارق المرعبي، المدعي العام في النبطية غادة أبو علوان أستاذ القانون في الجامعة اللبنانية علي رحال، زمكحل، والصحافية القضائية أز كلود أصاف من “لوريان لو جور”. وأشاد راعيا الحدث، الشدياق وفوشيه، بانعقاد هذه المباراة التي تعزز حقوق الإنسان، مذكرين بقيم الحرية والكرامة التي دافع عنها الديبلوماسي لويس دو لامار.

وأكد الشدياق “تندرج المباراة في إطار يرمي إلى تأييد مبدأ سيادة القانون على القوة والقيم المناهضة للحقد”، مكرما “ذكرى رجل عظيم دفع حياته ثمن إجراء حوار خدمة للسلام. وفي السياق العدواني والبالغ الصعوبة الذي يواجهه المجتمع اليوم، من الضروري عدم التهاون أمام أعمال العنف الكثيرة المرتبكة ضد حقوق الإنسان”.

من جهته، أعر فوشيه عن اعتزازه برعاية هذه المباراة ودعمها “لأنها أعظم تكريم لذكرى لويس دو لامار”، معتبرا أن “التزام نقابات المحامين الفرنسية إزاء هذا الحدث يظهر التعاون الوثيق بين فرنسا ولبنان في مجال الحقوق، هذا التعاون القائم على القيم المشتركة”. وأعرب عن أسفه حيال “الهجمات المنظمة في الكثير من البلدان على المجتمع المدني، لا سيما وصم الصحافيين أو قمعهم وعمليات اعتقال المعارضين السياسيين”، مؤكدا “التزام فرنسا العمل لتحقيق حريات التعبير والمعتقد، وكذلك المساواة بين الرجال والنساء”. كما شكر فوشيه نقابة محامي بيروت على استضافة هذا الحدث واستمراريته منذ تأسيسه من سنوات، وخص بالشكر مؤسس مباراة دولامار جو كرم على جهده.