هل تفكر فى نفسك .وداعا جيل الرواد

هل تفكر فى نفسك .وداعا جيل الرواد

بقلم/ هبة معوض

“هل تفكر في نفسك؟ وهل تفكر في عملية التفكير نفسها؟ وكيف تتم؟ كيف ينتقل إليك معنى من المعاني؟..

ما الذي يحدث في داخلك؟ وما الذي تفعله للتأثير في أفكار الآخرين؟”، هذه الكلمات قالها أحمد يحيى، تعقيبا على أفكار أنيس منصور،

وإذا أخذنا تلك الأسئلة على محمل الجد، وفكرنا في الإجابة وفكرنا في جوهر الأسئلة ذاتها، فماذا سنجد؟

للأسف لن نجد سوى أن البعض لا حيلة له سوى التفكير في نفسه فقط، أما عملية التفكير ذاتها وكيف تتم،

لا أحد يشغل باله بها، أما كيف ينتقل المعنى وكيف يؤثر فينا، فتلك الأسئلة صعبة الإجابة.

لأن الأفكار قد نفذت من عقولنا، تماما مثلما ذهب جيل الرواد،

وذهبت معهم أفكارهم، وبالتالي ذهب قراء الأدب الراقي، ولم يعد هناك مجال لوجودهم،

فحينما كف الناس عن القراءة لأدباء ومفكرين ذوو مكانة رفيعة في علمهم واتجهوا للقراءة بغرض التسلية وتضييع الوقت فقط،
جفت عقولهم، ولم يأبه أحد لذلك.

لسنا كما كنا..
كان اعتماد الأدباء الأول والأخير فيما مضى، يعتمد على استنباط المعلومات الكامنة أو المعاني الخفية للكلمات،

وتفسيرها وتحليلها، ولكن الآن فلم يعد هناك مفكرين أو أدباء مثلما كان قديما،

ولا نعلم هل لأن غالبية القراء اتجهوا لنوع معين فقط من الكتب، بمعنى آخر إلى الروايات، أم أن المشكلة لدى الكتاب المبتدئين أنفسهم.

المشكلة تكمن في أن فئة قليلة هي التي لازالت تقرأ لكتاب النخبة المثقفة، من أمثال نجيب محفوظ،

وطه حسين وتوفيق الحكيم، وغيرهم، أما الغالبية فتقرأ بهدف التسلية، أو بهدف إدعاء الثقافة.

وداعا عصر نخبة المجتمع وصفوته، فقد ودعناكم إلى مثواكم الأخير، لكن هناك من يتذكركم، بين الفينة والأخرى،

ولكن لا نعلم هل سيفنى هؤلاء أيضا مثلكم، أم سيصبحوا كثرة.

على ما يرام..
أو زي الفل، ولذكر الفل هنا موقف، فعندما سأل توفيق الحكيم الأطباء عن حالته وهو مريض بالمستشفى كانت الإجابة دائما بأنه زي الفل، وذلك ليس لجهل منهم، بل لكي يطمئنوه،

لكنه كان أيضا يعلم أنهم يكذبون عليه في حقيقة مرضه، ورغم عدم اقتناعه بأنه زي الفل، إلا أنه أطلق عليهم إسم أطباء الفل،

ونحن كذلك نفعل مثلما فعل الحكيم، نقول على قرائنا أنهم زي الفل، ونحن غير مقتنعين.

جار البحث عن فكرة..
فلابد من هذا الشخص الذي سوف تولد بداخله فكرة جديدة، وسوف ينطق بها للناس في الوقت المناسب،

ذلك الوقت الذي نشعر فيه أننا لازلنا أحياء، وعلى قيد الحياة، أو ولدنا من جديد، وخرج من بيننا هذا المفكر أو ذاك الأديب.

وأن ظلت هذه الفكرة في عقله فهي لازالت في طورها الأول، ولم يحن الوقت الذي تخرج فيه بشكل جديد،

وفي صورة معلومة، وان خلق مجال للتنافس بين فرد وآخر، هذا هو الدافع الأقوى الذي يحبذ الناس على

الإدلاء بكل ما لديهم في صورة أدب وشعر وغيره..لكننا لازلنا ننتظر هذا الوقت المناسب.