الوحوش… مزيج بين عبقرية الفن وسحر الطبيعة

الوحوش… مزيج بين عبقرية الفن وسحر الطبيعة
OLYMPUS DIGITAL CAMERA

حديقة الوحوش قد يبدو الاسم لحظة سماعه للوهلة الأولى موحيًا بمُغامرة هائلة تجمع بين الرعب والإثارة في وسط غابةٍ مُتشابكة المكان والزّمان، لكن من يزور الحديقة على هضبة (بومارزو) في مقاطعة (فيتربو) الإيطاليّة, سيجد نفسه أمام مكانٍ هو أشبه بمتحفٍ طبيعي هائل في الهواء الطلق لمجموعة من المنحوتات التي حاول الفنان “أورسيني” إبرازها في صورةٍ مخيفةٍ دون أن تحرمها نعمة الجمال؛ حين عمد إلى تصميمها عام 1552م وهو يقول بثقة: “نحن الفنانين نحب نحت التماثيل الضخمة متعددة من الحيوانات والناس، وحتى البهائم”.

 فحديقة الوحوش تعتبر مكانا ساحرا وإن كان منسيا، فهو مناسب تماما لهوا المغامرة ومحبي التاريخ، حيث يعود بهم الزمن إلى 500 سنة مضت، كما تعود المنحوتات داخل الحديقة إلى القرن الـ16 وتستضيفها بلدة بومارزو على بعد 60 ميلا فقط من روما العاصمة

الوحوش تماثيل لا حصر لها

فقد تم تصميم حديقةالوحوش  في عصر النهضة، وضمت مخلوقات سحرية عجيبة ولكن وبعد وفاة فرانشيسكو تم نسيان الحديقة 400 سنة، إلى عام 1954، عندما اشترى جيوفاني بيتيني الأرض وأعاد المجد للتماثيل المقدسة. فالحديقة تضم تماثيل مذهلة الارتفاع والاتقان ويصل عددها إلى 25 تمثالا مختلفا، وتضم اشكالا أسطورية ذات مظهر مخيف، فمنها غله البحر نبتون، مع كلب بثلاث رؤوس، مع الفيل من حرب هانيبال، وأيضا ستجد افروديت إلهة الجمال، مع تماثيل أخرى مثيرة وعجيبة في جولة مع الأساطير الرومانية القديمة.

حديقة الوحوش ومُلتقي الجمال

فحديقة الوحوش” أو “باركو دي مونستر” كما يسميها عامة الناس في إيطاليا؛ تحتضن أكثر من عشرين عملاً فنيًا رئيسيًا، منها منحوتات تصوّر قتال شخصيّة التنين مع الأسود والذئاب، ومنها ما يصوّر عددًا من شخصيّات الأساطير الرومانيّة واليونانيّة القديمة، والتي تعتبر جزءًا ثمينًا من قيمة الثقافة الإيطاليّة.

وكما يوجد تمثالٌ كبيرٌ على هيئة فيل الحرب التاريخي الشهير، ودب هائل، وحوت ضخم، وثمرة عملاقة، وامرأة مُجنّحة على ظهر سُلحفاة، وتماثيل أخرى وحشيّة تتناثر هنا وهناك في فوضى هندسيّة خلاقة، إلى جانب تماثيل ومبانٍ أخرى صغيرة موزعة على الغطاء النباتي الطبيعي بين الأشجار والشجيرات.

ويُقال أنّ الفنان الذي اهتم بتصميم هذه الحديقة في القرن السادس عشر لم يكن يهتم برأي المشاهدين أو يسعى لإرضائهم بقدر ما كان ساعيًا لإثارة الدهشة في نفوسهم باستخدام أشكالٍ كاريكاتيريّة غريبة تبالغ في خروجها عن المألوف والمعروف لدى عامّة الناس، كما يظن مؤرّخون آخرون أنّه انكبّ على هذا العمل الكبير في محاولةٍ للسلوى عن أحزانه الكبيرة على زوجته المحبوبة “جوليا فارنيزي” التي أدركتها الوفاة باكرًا، وتخليد ذكراها بهذا العمل العظيم.