الصحة النفسية والاضطرابات الخاصة بها
تتعلق الصحة النفسية بكيفية تفكير الأشخاص، وشعورهم، وتصرفهم، ويمكن أن تؤثر الصحة النفسية على الحياة اليومية، والعلاقات، والصحة البدنية، وقد يحافظ الاهتمام بالصحة النفسية على قدرة الشخص على الاستمتاع بالحياة.
ما هي الصحة النفسية؟
هي حالة من الرفاهية العقلية التي تمكن الناس من التعامل مع ضغوط الحياة، وإدراك قدراتهم، والتعلم، والعمل بشكل جيد، وتنص منظمة الصحة العالمية على أن الصحة النفسية هي أكثر من مجرد غياب الاضطرابات أو الإعاقات العقلية.
عوامل الخطر لحالات الصحة النفسية
كل شخص معرض لخطر الإصابة باضطراب في الصحة العقلية بغض النظر عن العمر، أو الجنس، أو العرق، ومن تلك عوامل الخطر ما يلي:
_ الضغط الاجتماعي والاقتصادي المستمر: حيث قد يؤدي وجود موارد مالية محدودة أو الانتماء إلى مجموعة عرقية مهمشة أو مضطهدة إلى زيادة خطر الإصابة بالاضطرابات، وهناك عوامل قابلة للتعديل لاضطرابات الصحة العقلية مثل الظروف الاجتماعية، والاقتصادية، والعمل، ومستوى المشاركة الاجتماعية للشخص، والتعليم، وجودة السكن، بينما العوامل غير القابلة للتعديل تشمل الجنس، والعمر، والعرق، والجنسية.
_ مشاكل الطفولة: تجارب الطفولة السيئة مثل إساءة المعاملة، وفقدان الوالدين، أو الانفصال بين الوالدين، وكذلك مرض الوالدين تؤثر بشكل كبير على الصحة العقلية والبدنية للطفل في مرحلة النمو.
_ العوامل البيولوجية: تاريخ العائلة الجيني قد يزيد من فرص حدوث الاضطرابات، ولكن وجود جين مرتبط بحدوث اضطراب لا يضمن تطور الحالة، وبالمثل فإن الأشخاص الذين ليس لديهم جينات ذات صلة أو تاريخ عائلي من الأمراض العقلية قد يعانون من المشاكل النفسية، وكذلك قد يتطور الإجهاد المزمن وحالات الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق بسبب مشاكل الصحة البدنية الأساسية مثل السرطان، والسكري، والألم المزمن.
أنواع اضطرابات الصحة النفسية
تشمل بعض أنواع الأمراض العقلية اضطرابات القلق، واضطرابات المزاج، واضطرابات الفصام.
1- اضطرابات القلق: يعاني الأشخاص المصابون بهذه الحالة من خوف شديد، أو قلق متعلق بأشياء، أو مواقف معينة، وفيما يلي بعض الأمثلة على اضطرابات القلق:
_ اضطراب القلق المعمم GAD وهو حالة من القلق أو الخوف تعطل الحياة اليومية، وفيه قد يعاني الأشخاص من أعراض جسدية مثل الأرق، والتعب، وضعف التركيز، وتوتر العضلات، والنوم المتقطع.
_ اضطراب الهلع وفيه يعاني الأشخاص من نوبات هلع منتظمة تتضمن خوفاً مفاجئاً شديداً، أو الشعور بكارثة وشيكة وموت.
_ الرهاب والذي يوجد منه عدة أنواع منها:
- الرهاب البسيط وهو خوف غير متناسب من أشياء أو حيوانات معينة مثل الخوف من العناكب.
- الرهاب الاجتماعي وهو الخوف من التعرض لحكم الآخرين، وقد يتجنب الأشخاص المصابون بهذا النوع من الاضطراب التعرض للبيئات الاجتماعية.
- الخوف من الأماكن المغلقة الذي يشير إلى الخوف من المواقف التي قد يكون فيها الهروب صعباً، مثل التواجد في مصعد أو قطار متحرك.
_ الوسواس القهري الذي فيه يعاني الأشخاص من هواجس، وأفعال قهرية، ويعانون أيضاً من أفكار مستمرة، ومرهقة، وحث قوي على تكرار الأعمال مثل غسل اليدين.
_ اضطرابات ما بعد الصدمة التي تحدث بعد التعرض لحدث مرهق أو مؤلم، وخلال هذا النوع من الأحداث يعتقد الشخص أن حياته أو حياة الآخرين في خطر، أو قد يشعرون بالخوف لأنهم ليس لديهم القدرة على السيطرة على ما يحدث.
2- اضطرابات المزاج: يعاني الأشخاص في هذه الحالة من تغيرات مزاجية كبيرة، ومن أمثلة اضطراب المزاج ما يلي:
- الاكتئاب الشديد وفيه يعاني الفرد من مزاج متدني مستمر ويفقد الاهتمام بالأنشطة والأحداث التي كان يستمتع بها سابقاً، وقد يشعروا بالحزن الشديد لفترات طويلة.
- الاضطراب ثنائي القطب وفيه يعاني الأشخاص من تغيرات غير طبيعية في مزاجهم، ومستويات طاقتهم، وقدرتهم على الاستمرار في الحياة اليومية.
- الاضطراب العاطفي الموسمي الذي يحدث في الخريف، والشتاء، وأوائل فصل الربيع نتيجة انخفاض ضوء النهار.
3- اضطرابات الفصام: غالباً ما يشير مصطلح الفصام إلى مجموعة من الاضطرابات التي تتميز بسمات ذهانية وأعراض شديدة أخرى، والفصام له أعراض مثل الأوهام، واضطرابات التفكير والهلوسة، وقلة الدافع، والمزاج المتقلب.
العلامات المبكرة لاضطرابات الصحة النفسية
العلامات التي يمكن اعتبارها علامات محتملة لاضطراب الصحة النفسية تتضمن:
_ الانسحاب من الأصدقاء، والعائلة، والزملاء.
_ تجنب الأنشطة التي كانت يتم الاستمتاع بها سابقاً.
_ النوم كثيراً أو قليلاً جداً.
_ الأكل كثيراً أو قليلاً جداً.
_ الشعور باليأس.
_ انخفاض الطاقة باستمرار.
_ استخدام المواد التي تغير المزاج بشكل متكرر مثل الكحول والنيكوتين.
_ إظهار المشاعر السلبية.
_ عدم القدرة على إكمال المهام اليومية مثل الذهاب إلى العمل أو الطهي.
_ ظهور الذكريات باستمرار.
_ التفكير في إلحاق الأذى الجسدي بالنفس.
_ الأوهام وسماع الأصوات.
تشخيص اضطرابات الصحة النفسية
يتطلب التشخيص عدة خطوات، قد يبدأ الطبيب بالنظر إلى التاريخ الطبي للشخص، وإجراء فحص جسدي شامل لاستبعاد الحالات الجسدية أو المشكلات التي قد تسبب الأعراض، ولا توجد فحوصات طبية تكشف المرض ومع ذلك قد يطلب الطبيب مجموعة من الاختبارات المعملية مثل فحوصات التصوير واختبارات الدم للكشف عن الأسباب الكامنة الأخرى المحتملة، قد يقوم الطبيب بإجراء تقييم نفسي والسؤال عن الأعراض، كما يستخدم معظم المتخصصين الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب لإجراء التشخيص.
علاج الاضطرابات النفسية
هناك بعض الخيارات لعلاج الاضطرابات النفسية وتتضمن:
_ العلاج النفسي أو العلاج بالكلام الذي يقوم به الأطباء النفسيون، وعلماء النفس، والمعالجون النفسيون، وبعض أطباء الرعاية الأولية، ومن أمثلة ذلك العلاج السلوكي المعرفي والعلاج السلوكي الجدلي.
_ العلاج بالأدوية مثل مضادات الاكتئاب، ومضادات الذهان، ومضادات القلق، وعلى الرغم من أن الأدوية لا تعالج الاضطرابات إلا أن بعض الأدوية يمكن أن تحسن الأعراض، وتساعد الشخص على استئناف التفاعل الاجتماعي، والروتين أثناء العمل، حيث تعمل بعض هذه الأدوية على تعزيز امتصاص الجسم للمواد الكيميائية التي تساعد على الشعور بالسعادة مثل السيروتونين من الدماغ، بينما تعمل الأدوية الأخرى إما على زيادة المستويات الإجمالية لهذه المواد الكيميائية أو منع تدهورها.
_ تغير نمط الحياة مثل الحد من تناول الكحول، وأخذ قسط كافٍ من النوم، وتناول نظام غذائي سليم ومتوازن، وقضاء بعض الوقت بعيداً عن العمل، أو حل المشكلات الشخصية التي قد تسبب ضرراً، وقد تفيد بعض تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق، والتأمل، واليقظة في حالة الأشخاص الذين يعانون من حالات القلق أو الاكتئاب.
بعض الحقائق والخرافات عن الصحة النفسية
هناك الكثير من المعتقدات والمفاهيم الخاطئة عن الصحة العقلية تتمثل في الآتي:
_ الخرافة: الشخص المصاب بمرض نفسي لديه مستوى ذكاء منخفض.
الحقيقة: يمكن أن تصيب الأمراض النفسية أي شخص بغض النظر عن الذكاء، أو الدخل، أو الحالة الاجتماعية.
_ الخرافة: المراهقون لا يعانون من مشاكل نفسية، لديهم فقط تقلبات مزاجية بسبب تقلب الهرمونات.
الحقيقة: من الصحيح أن المراهقين لديهم تقلبات مزاجية، لكن لا يعني هذا أنه لا يمكن أن يكون لديهم مشاكل نفسية، فنصف حالات الاضطرابات النفسية تبدأ من سن 14 عاماً.
_ الخرافة: الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية خطرون، ويتمتعون بالعنف، ولا يمكن التنبؤ بهم.
الحقيقة: الجرائم التي يرتكبها مرضى نفسيين لا تشكل سوى 5% من إجمالي جرائم العنف.
_ الخرافة: الأدوية النفسية ضارة.
الحقيقة: المرض النفسي أو العقلي مثله كمثل أي حالة صحية أخرى، وقد تكون الأدوية ضرورية للمساعدة على العمل بشكل طبيعي، وتخفيف الأعراض، وتحسين الأداء اليومي.
_ الخرافة: الأشخاص المصابون بالاضطراب ثنائي القطب مزاجيون.
الحقيقة: دورات الاضطراب ثنائي القطب تستمر من أسابيع إلى شهور، ولا تتغير بالسرعة التي يتغير بها الحالة المزاجية للناس في كثير من الأحيان.
_ الخرافة: الشخص المصاب بحالة نفسية ضعيف، وأن مثل هذه الحالات لا تؤثر على الأقوياء.
الحقيقة: الإصابة بحالة عقلية لا علاقة لها بالقوة أو الإرادة، وقد يُصاب أي شخص بها.
_ الخرافة: الأبوة السيئة تجعل المراهقين يعانون من مشاكل نفسية.
الحقيقة: هناك العديد من العوامل التي تؤثر على الصحة العقلية والنفسية، وتُعد علاقة المراهق بوالديه مجرد عامل واحد، حيث يمكن للشخص الذي نشأ في بيئة محبة وداعمة أن يواجه صعوبات نفسية أيضاً.
_ الخرافة: الأشخاص الذين لديهم اضطرابات نفسية لا يمكنهم الاحتفاظ بوظيفة وأدائها بشكل جيد.
الحقيقة: يمكن للأشخاص الذين يعانون من اضطراب نفسي أداء العمل بشكل جيد، خاصة في مكان العمل الداعم الذي يدعم ويعزز الصحة العقلية.