كهف لاسكو.. متحف يروي أساطير وأسرار ماقبل العصور
الكهوف مليئة بالأسرار والكنوز الدفينة فهي تعد متحف طبيعي شاهد على التاريخ وذلك من خلال الرسوم المنقوشة على الجدران، ومنها كهف لاسكو والذي يعد من أشهر الكهوف بعصور ماقبل التاريخ فهو مليء بالحكايات والمغامرات التي أثارت دهشة عشاق السفر و المغامرة، فذلك المكان يأخذك إلى العصر الحجري القديم أي حوالى 15 ألف سنة قبل الميلاد ولكن كيف ؟؟
ماوراء لاسكو
كهف لاسكو والذي يعد واحدًا من أهم الكهوف الأثرية، حيث يبلغ طولة حوالى 100 قدم وتم اكتشافه عام 1940 وذلك من خلال مجموعة من الأطفال، حيث كان يتجول الطفل مارسيل رافيدو مع مجموعة من أصدقائه في هضبة لاسكو، حيث لاحظ مارسيل أن كلبة روبوت قد اختفى، وبينما هم يبحثون عنه سمعوا صوته يأتي من فتحة كهف، وعندما حاول مارسيل إنقاذ كلبة سقط في ذلك الكهف المظلم واستطاع بصعوبة إنقاذ الكلب.
فقد قام كلًا من مارسيل رافيدو وزملائه للذهاب لذلك الكهف مرة أخرى لكتشافه وبينما كانوا يتجولون في الكهف المظلم فوجئوا بثيران وخيول تقفز من الظلمة، واكتشفوا أنها رسوم على جدار الكهف، كما رأوا في مكان آخر من الكهف رسوم لغزلان كأنها تسبح وتظهر رؤسها فوق سطح الماء.
مقتنيات الكهف
فكهف لاسكو له أهمية كبيرة حيث أنه أسهم في إثراء تاريخ الفن وفي تأسيس علم آثار ما قبل التاريخ، وذلك نظرًا إلى عدد نقوش الكهف بأكثر من ثلاثمائة نقشًا على الجوانب، كما أن الرسوم المنقوشة تعود للعصر الحجري القديم الأعلى (المجدلاني القديم)، فقد تم تحديد عمر الحفريات والتى يعود تاريخها ما بين 15000- 13500 قبل الميلاد.
كما يتميز لاسكو بكثرة الرسومات الجدارية وجمال نقوشة الفنية ولاسيما أن تلك الرسوم تغطي جوانب الكهف، فهي توجد في بناء مستدير مقبب يعرف باسم قاعة الثيران الكبيرة، كما يوجد صور جدارية في الصالة تعرف باسم (صالة الصور)، وثمة نقوش ممسوحة، بينما يوجد صورة لحيوان مبهم النوع أطلق عليه اسم ليكورن، وهناك صور أيضًا لثور جريح يسحق رجلًا، حصان جريح أصابته سهام بجراح، ثور ضخم، خيول تعدو، بقر وحشي و رسم لطائر غريب منتصب فوق عصا.
كما يوجد مجموعة من الأبقار والخيول الصينية وحيوانات آكلة اللحوم في أماكن مختلفة بالكهف، بينما يوجد رسمة واحد تشير إلى الإنسان وهو يمثل رجلًا عاريًا مستلقيًا على الأرض حيث يكون رأسه رأس عصفور ويداه مفتوحتان، حيث تحتوي كل يد على أربع أصابع بينما يوجد أمامه ثور كبير طعنت أحشائه بسهام.
فقد رسمت تلك اللوحات باستخدام مواد سوداء اللون مصنوعة من أكسيد المنجنيز ومواد حمراء اللون مصنوعة من أكسيد الحديد، والتي تعد دليلًا على المواهب الفنية التي تمتع بها إنسان ما قبل التاريخ، كما أنها دليل على مستوى المعرفة العلمية التي كانت لديه، لذلك اكتسبت منطقة لاسكو جروتو في جنوب غرب فرنسا لقب (مصلى سيستين) ما قبل التاريخ.
كما تم العثور علي خريطة لسماء الليل يعود تاريخها إلى حقبة ما قبل التاريخ، وهو مايعكس اهتمام أسلافنا بعلم الفلك وربما كانت تلك الكهوف أماكن لتصوير الفضاء الخارجي، كما يوجد ثلاثة نجوم مجتمعة بمثلث الصيف والتي تتميز بلمعانها الشديد في أواسط فصل الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.
فتلك الخريطة تعد دليلًا علي اهتمام الإنسان ما قبل التاريخ بالكواكب والنجوم، فعلى مقربة من مدخل مجمع لاسكو يوجد رسم بديع لثور، حيث يوجد فوق كتف هذا الثور ما يبدو على شكل خريطة للثريا، وهي مجموعة نجوم تدعى في بعض الأحيان بالأخوات السبع، كما يوجد بداخلة علامات سوداء ربما تكون رسومًا لنجوم أخرى كانت في تلك الناحية من السماء،حيث توجد تلك المنطقة حاليًا ضمن برج الثور، مما يؤكد أن معرفة الإنسان بهذه الجهة من الكون تعود إلى آلاف السنين.
فنظرًا لأهمية الكهف لما يحتويه بداخلة فقد تم تسجيله بسجل المباني التاريخية عام 1948، كما تم الإهتمام بدراسة وتفسير الرسوم الجدرانية بالكهف.