الهيمبا..قبيلة تحمل أغرب العادات والتقاليد الأفريقية
هناك الكثير من القبائل لهم عادات وتقاليد مختلفة ولكن في عالم (الهيمبا) تلك القبيلة الأفريقية البدائية، تستوطن شمال وشمال غربي دولة ناميبيا، فتلك الدولة التي تقع جنوب غرب القارة الأفريقية، والتي تعد من أقل دول العالم كثافةً بالسكان، واكثرهم هدوئاً واستقراراً من الناحية السياسية. ففي هذه القبيلة تكمُن العديد من الأسرار التي لا يعرفها أحد لأنهم يعيشون في عزل عن العالم الخارجي ، كما أن أسم القبيلة يعني المتسول الذي يبحث عن الطعام والشراب ويطالب المساعدة من القبائل الأخرى باستمرار، تستوطن تلك القبيلة في الشمال الغربي لدولة ناميبيا وما زالت تحتفظ بعاداتها وتقاليدها دون خضوع لمواكبة العصر الحديث.
ما وراء عزل القبيلة
فقد احتفظت هذه القبيلةٌ ببدائيتها وحياتها خارج نطاق المعاصرة والحداثة التي نعيشها الآن، متمسكين بتراثهم التقليدي القديم، ومحافظين على عادات وتقاليد أجدادهم الأوائل، ويعيشوا وفقاً لطقوسهم الخاصة بهم، دون أن يتأثروا بالمجتمع المتقدم الذي يحيطهم.
كما يتميز تاريخ هذه القبيلة بامتلائه بالكوارث والحوادث المهلكة، من جفافٍ وقحطٍ وصراعات وحروب، ولاسيما في فترة حرب الاستقلال الناميبية، وكذلك الصراع الداخلي مع دولة “أنجولا” كذلك حملة الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها مع باقي جيرانهم من جماعات الهيريرو، من قِبل الألمان الذين كانوا مستعمرين لتلك الأرض بقيادة لوثير فون تروثا. الهيمبا….أغرب القبائل الموجودة في العالم.
تتبع الهيمبا ديانة توحيدية تقدس أرواح الأجداد الميتون، فإلههم اسمه (موكورو) إله واحد خالقٌ لكل شيء في الوجود، ولكنه إله بعيد لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال أرواح الأجداد الذكور فقط، الذين يتحولون بمجرد موتهم إلى كائنات مقدسة، والنار المقدسة حيث تمثل حلقة الوصل بين الحياة وأرواح الأجداد لذا تظل مشتعلة دائماً، ويتم الاهتمام بها من قبل زعيم القبيلة الذي يعد الصلاة حولها ويطلب البركة والرحمة من الأجداد ويعتبر الاهتمام بهذه النار من إحدى واجباته الأساسية.
فقبيلة “الهيمبا” يتراوح أعدادها بين 40 و50 ألف نسمة،،والذين يعتمدون اعتمادًا كليًا على الصيد البري وتربية قطعان المواشي، وبذلك احتفظت حتى وقتنا الحالي بالبدائية والقدم، وهم متمسكون إلى اليوم بتراثهم التقليدي الغريب و عادات أجدادهم الأوائل، حتى بعد حروبهم مع الألمان وتعرضهم للإبادة حتى أن الألمان قد أطلقوا عليهم الهيمبا القاتلة، ثم بعد ذلك تعرضوا للقحط الشديد بسبب قلة الأمطار وهلاك الماشية، لكن منذ عام 1990 بدأت قبيلة الهيمبا بالعودة إلى أرضهم التاريخية القديمة.
عادات نساء القبيلة
فتلك القبيلة يستيقظن يوميًا من النوم تحت أشعة الشمس الحارقة ليبدأن في رحلة البحث عن طعامهن وحلب الأبقار، بين الأغنام والماعز تعيش مجموعة من السيدات على الأطلال، لا يعرفن الموضة أو الأزياء، تقتصر حياتهن على تربية الأطفال وإعداد الطعام والخضوع لقرارات أزواجهن دون مناقشة.
فالنساء في تلك القبيلة تلعب في مجتمع الهيمبا دوراً أكبر مما يلعبه الرجال بكثير، فتربية المواشي وحلبها وإحضار الماء من الأنهار للقرية فكل هذا يقع من شأن النساء، ليس ذلك فقد بل يقوموا بجلب الحطب، وبعض الصناعات اليدوية، وبناء المنازل، وتربية الأطفال، من اختصاص النساء، فهم يعتقدون اعتقاداً راسخاً بأهمية النساء حتى أنهم إذا وصلت البنت إلى عمر ١٣ عاماً قاموا بالاحتفالات الصاخبة و تؤخذ الفتاة إلى المكان المقدس بالقبيلة والمخصص للشعائر الدينية التي يؤمنون بها، وتبقى هناك جالسة في حماية الأجداد حتى قدوم رفيقاتها وقريباتها إليها.
فالسيدات تعيش أغلب الوقت في الهواء الطلق في جو حار ويحرصن على وضع تلك الطبقة الحمراء على بشرتهن لمقاومة أشعة الشمس الحارقة، بالإضافة إلى أن تلك المادة تساهم في الحفاظ على الجلد نظيفًا ورطبًا، وتمنع نمو الشعر على الجسم وتفادي لدغات الحشرات، كما يهتم النساء بأجسادهن وشعورهن ويحرصن على تصنيع كريم «المغرة الأحمر» حيث يقوموا بتقطيع الحجر إلى قطع صغيرة، وخلطه مع الزبد وتسخينه قليلًا باستخدام الدخان ووضعه على الجلد والشعر.
كما تهتم النساء بالشعر فلكل تسريحة دلالاتها، ولكل عمر تسريحته الخاصة، فالنساء يقمن بعمل جدائل لشعورهن ثم يقمن بصبغها بالمزيج الذي يصنعونه من دهن الماعز وأكسيد الرصاص وبعض النباتات، ليأخذ بذلك لوناً أحمر يتطابق مع لون أجسادهن المصبوغة بنفس اللون.
كما يختلف عدد الضفائر باختلاف الحالة الاجتماعية لكل واحدة منهن، فالفتاة الصغيرة الغير بالغة تمتلك ضفيرتين أثنين كبيرتين تنسكبان على جبينها، أما الراشدة فتزداد أعداد ضفائرها وتُصبح أصغر في الحجم، وعندما تتزوج تضع على رأسها تاج صغير مصنوع من جلد الماعز دلالة على دخولها عرش الحياة الزوجية. لذلك فتسريحات شعر السيدات دائما تكون مميزة للغاية.
كما يهتمن بارتداء عظام الحيوانات في رقبتهن كنوع من أنواع الحُلي.وفي الصباح والمساء يحرصن تلك السيدات على تصنيع وجبة واحدة فقط أساسية وهى «العصيدة»، حيث يقمن بتسخين الماء وينتظرن عندما يغلي ويضفن دقيق الذرة والزيت ويقدمن الطعام، وهناك بعض الاستثناءات في الطعام، يقمن بتناول اللحوم في المناسبات النادرة فقط مثل حفلات الزفاف وأحيانًا يتناولن حليب الأبقار.
عادات رجال القبيلة
فهذه القبيلة لا يوجد بها رجال كثيرون ، فالموجود بها قليل جداً، فجزء منهم في الحانات يشربون الخمر أو يذهبون إلى المدن، والرجل لا يكتفي أبداً بزوجة واحدة وإنما له عدة زوجات والكثير من الأطفال.كما أنهم لا يلبسون سوى القليل جداً من الثياب على أجسادهم فالمنطقة العليا من الجسد (البطن والصدر)، تكون عارية تماماً عند الذكور والإناث على حد سواء، أما المنطقة السفلية فيتم تغطيتها فقط بتنورة قصيرة جداً مصنوعة من جلد الماعز .
غرائب القبيلة
فمن أبرز غرائب الهيمبا أنها لا تسمح للنساء باستخدام الماء للاستحمام ولا يرتدن ملابس، لأن القبيلة تحتفظ بمصطلح “البدائية” لذا فالملابس لا تعني لهن الكثير ولا تُستر أجسادهن سوى تنورة صغيرة من جلد الأبقار ويبقى النصف العلوي مكشوفًا للتناسب مع الأجواء الحارة التي يقطن فيها.
كما يتم استبدال الاستحمام بالبخار الساخن من خلال وضع قطع من الفحم المشتعل في وعاء صغير يحتوي على أوراق الشجر والأغصان الصغيرة الأشجار وينتظرن حتى تتصاعد أبخرة الدخان وينحين فوق الوعاء ويبدأن في التعرق لغسل الجسم بالكامل، ويُسترن أنفسهن بقطعة من القماش حتى يحتبس الدخان في أجسادهن.
فمن ضمن عاداتهم وتقاليدهم أن هناك ثقافة غريبة تنتشر بين قبائل «الهيمبا» أيضا فعندما يطرق أي زائر الباب لدى أسرة معينة، يقوم الرجل بإهداء زوجته للضيف ليقضي الليل معها يسمى هذا التقليد «إهداء الزوجة للضيف» وفي لغتهم «أوكوجيبيسا أوموكازيندو» ويرجع ذلك إلي إهمال رأي المرأة فلا يهتمون به فالنساء معدومات القرار ويستسلمن لكل مطالب أزواجهن دون نقاش.
بينما يوجد تقليد آخر صمد أمام اختبار الزمن، وهي عبادتهم لإله يُدعى موكورو الذي يتواصلون معه من خلال النار المقدسة، يرتفع دخان النار المقدسة نحو السماء، لا يسمح بعبور ذلك الخط المقدس إذا كنت من خارج القبيلة، وإذ كسرت قواعد القبيلة لن تتم دعوتك إلى القرية مرة أخرى.
ففي عام 1980 سادت مناطق تواجدهم حالة من القحط تسببت بمقتل ما لا يقل عن 90% من قطعانهم، مما دفعهم للهجرة الجماعية إلى منطقة أوبو (ليعيشوا في المناطق العشوائية هناك، هذه الحادثة كانت على وشك أن تؤدي إلى انقراض طبيعة وتراث القبيلة من الوجود،ولكن بدءاً عام 1990 بدأت قبيلة الهيمبا بالعودة إلى أرضهم التاريخية القديمة، والبدء بالعيش من جديد هناك وفقاً لطريقتهم وأسلوبهم الخاص بهم. كما يُسيطر إحساس الرعب والقلق علي باقي القبيلة حيث يعتقدون أن نهايتهم تقترب بسبب عزلتهم الاجتماعية وحياتهم البدائية.