أسرار الغموض وأسطورة الأنانوكي في الحضارة السومرية بالعراق

 

مقال بقلم : د. مختار القاضي

مراجعة : جيهان الجارحي

العراق هي أرض الحضارات والأسرار ، وهي صاحبة الحضارة السومرية ، وحضارة الأنانوكي الغامضة ، التي تحكي عن كائنات فضائية متطورة ، وآلهة متعددة وطوفان وعقاب للجنس البشرى ، ويُقال أن بها علوم وفنون كانت متطورة للغاية ، والتي لازالت تشكل لغزا يحاول الباحثون والعلماء فك رموزه .

 

والسر الأكبر في الحضارة السومرية هو أسطورة الأنانوكي ، وهي من أقدم الحضارات التي شهدتها البشرية ، ومن أكثر الحضارات تطورًا وتقدمًا ، حيث كانوا على معرفة بالعلوم والفنون ونظم الري الحديثة ، كما ابتكروا القوارب والعجلات ، وحتى اكتشافهم أول لغة مقروءة .

لقد وُجد سر منقوش على ألواح طينية ، تم العثور عليها حديثاً ، تعود لبدايات الحضارة السومرية ، وهي تتحدث عن خلق المخلوقات والمراحل التى مرت بها ، مخلوقات الأنانوكي هي حجر الزاوية في الحضارة السومرية ، وهي التي بُنيت عليها أسطورة قديمة ، واعتبرهم البعض آلهة ، والبعض الآخر اعتبرهم ملائكة ، في حين اعتبرهم آخرون كائنات متطورة أو فضائيين .

كلمة أنوناكي ظهرت في النقوش السومرية القديمة ، وتُعد جنساً متطورًا ومتقدماً للغاية ، أُعتبر من الآلهة ، ويفسر البعض كلمة أنوناكي ب “القادمون من السماء” ، أو “ذوو الدم الملكي” ، أو “القادمون من كوكب آخر” ، ويعتبرهم البعض مخلوقات أرضية متقدمة ، عُينوا ملوكًا على الشعوب ، وأنهم من نسل الإله آن إله السماء ، والإلهة كي آلهة الأرض ، والمجموعة الأساسية منهم تضم بعض الآلهة ، وهم : أوتو وإينانا وانليل وإنكي ونينهورساج ، ويقال أنهم كانوا قضاة يحكمون السماوات والأرض ، وعندما تمردت إينانا وقررت الاستيلاء على العالم السفلي ، قرر القضاء محاكمتها .

اتّهم القضاة الآلهة إينانا بالانقلاب على النظام ، وكان عقابها الموت ،ولايمكن تحديد أعداد نسل الأنانوكي بشكل دقيق ، كما أنه لايمكن تحديد وظائفهم بشكل مفصل ؛ لعدم وجود وثائق تاريخية تتناول هذا الموضوع ، ولكن يقال أن مهمة الأنانوكي كانت تحديد مصير الجنس البشري ، بصفتهم جنس متطور للغاية وعمالقة وذوي قدرات فائقة .

 

وأغرب ما جاء في أسطورة الأنوناكي ، أنهم هم مَن خلقوا الجنس البشري ، وذلك من خلال خلط حمضهم النووي والطين ، وأنهم كانوا يرتبطون ارتباطًا وثيقًا بالأجرام السماوية ، وأن الأرض والسماء كانتا غير منفصلتين بحكم ارتباط آلهتيهما ببعضها البعض ، إلا أنهما انفصلتا عقب ظهور إنليل ، أول إله من نسلهما ، فأخذ آن السماء بعيداً ، وأخذ إنليل الأرض هو ووالدته كي .

تعود قصة الأنانوكي لسنة ٥٠٠ ألف قبل الميلاد ، فزار الأرض مخلوقات متطورة للغاية ، بما يُسمى اليوم بالكائنات الفضائية ، من كوكب يُدعى نيبيرو ، وهو الكوكب المدمر الذي كان يهدد وجودنا على الأرض ، وقد ذُكر ذلك في حضارة المايا بأنه سيصطدم بالأرض وينسفها نسفا ، وعادت مقولة المايا للوجود والطرح في العام الحالي ٢٠٢٠ م ، بعدما شهدته الكرة الأرضية من كوارث متتالية ، وما زال البعض يعتقد بأننا سنشهد خلال هذا العام اقتراب كوكب نيبيرو من الأرض ، ثم اصطدامه بها طبقًا للأسطورة ، وهو ما لايعلمه إلا الله سبحانه وتعالى .

رحلة الأنانوكي إلى الأرض كانت مهمة حياة أو موت ، وهي جمع أكبر قدر ممكن من المعادن الثمينة ، ولاسيما الذهب ؛ وذلك لترميم غلاف كوكبهم الذي بات ضعيفًا ومتضرراً ؛مما سيؤثر على الحياة فيه ، فتصبح مستحيلة .

لم يأتِ الأنانوكي وحدهم إلى الأرض، ولكن أتوا ومعهم جنس أقل منهم شأنًا يُدعى إيچيچي ؛ لأن مكانة الأنانوكي المتميزة كانت تمنعهم من القيام بالأعمال الشاقة ، فاحتاجوا إلى العمال أو العبيد ؛ ليقوموا بعمليات البحث عن الذهب ، فقاموا بإنشاء المناجم والمستعمرات في جنوب أفريقيا والثاني في مكان ما في الخليج ، دون تحديد أي خليج بالضبط ،وكانت الأرض حينذاك لايسكنها سوى الكائنات البدرية ورجال الكهف ، بحسب الحضارة السومرية .

مرت الأيام وقرر الشعب الإيچيچي التمرد على الأنوناكي ؛ رفضًا للعبودية والظروف الصعبة التي يتعرضون لها جراء القيام بالأعمال الشاقة ، معتقدين أنهم يمكنهم التغلب على الأنانوكي ، هزم الأنانوكي الإيچيچي شر هزيمة ، ولكنهم تكبدوا خسائر فادحة في العمال الذين كانوا يعملون في المناجم ، والتي كانت تؤمِّن لهم الذهب .

لم يَقم الأنانوكي بالأعمال الشاقة التي كان يقوم بها الأيچيچي ، فطلب الإله آن من الإله إنكي خلق كائنات جديدة لخدمتهم ، بحيث يكونون أكثر تطورًا من الإيچيچي ، وبعد محاولات عدة ، نجح الإله إنكي في خلق البشر في جنة تُدعى عدن ، وقد سُمي الإنسان الأول حسب الأسطورة باسم آدامو ، بمعنى آدم بلغتنا اليوم .

 

وفي عام ١٨٧٩ م ، عثر عالِم بريطاني يُدعى “أوستن هنري لاير” على ألواح طينية تعود إلى الحضارة السومرية ، في موقع أثري بمدينة نينوى بالعراق ، وعددها ١٤ لوحًا تحكي أسطورة الأنانوكي ، وتوثق أحداثًا قديمة ذُكرت في العديد من الديانات أبرزها قصة خلق البشر ، والخروج من جنة عدن ، والطوفان العظيم .

بعد خلق الجنس البشرى باتت متطلبات العمل أكبر وأضخم ، وأصبح الأنانوكي بحاجة إلى استخراج كميات أكبر من الذهب ؛ لترميم غلاف كوكبهم الجوي ، مما استدعى أيدي عاملة أكبر ، فشكل ذلك مشقة كبيرة على الإله إنكي ؛ لأن البشر آنذاك لم يتمكنوا من التكاثر ، فقرر إنكي عمل تعديل في الچينات الوراثية والحمض النووي ؛ ليتمكنوا من التكاثر ،وتضاعف عدد البشر بشكل كبير ، مما شكل تهديدًا لأمن وسلامة المستعمرة التي أُنشِئَت لأجل الأنانوكي ، فكان لابد من طرد عدد كبير منهم ، ومن هنا جاءت قصة طرد آدم من جنة عدن .

بمرور الوقت ، بدأ الأنانوكي التزاوج مع البشر ، مما أغضب الإله إنليل شقيق إنكي الذي كان يرفض هذه الفكرة ، أو أن يعتلي بشري عرش الحكم على كوكبهم نيبيرو ، فأخذ يفكر في التخلص منهم باعتبارهم ليسوا أهلًا للثقة ، ولكنه لم يتمكن من فعل أي شيء يُذكر ، عاد الكوكب نيبيرو ليقترب من الأرض ويتسبب في طوفان عظيم وكارثة طبيعية لامثيل لها ؛متسببًا في ظلام بالنهار وزلازل ضخمة ، وظهور سحاب أسود في الأفق ، وعلو صوت الرعد والصواعق .

قرر إنليل العودة إلى نيبيرو ، إلا أن بعض الأنانوكي رفضوا وقرروا البقاء على الأرض ، ومن بينهم الإله إنكي ، فشاهدوا الطوفان من مركبتهم السماوية التي كانت تحلق فوق الأرض ،وأشفق الإله إنكي على خلقه بحسب الأسطورة ، فقرر أن يطلب من مجموعة مختارة بناء قوارب للنجاة ، بما يشبه قصة سيدنا نوح عليه السلام .

وتسبب الطوفان في غرق مستعمرات الأنانوكي ؛ مما تسبب في ندرة الوثائق والآثار التي تعود إلى ذلك العصر ، وعقب انتهاء الطوفان أعاد الأنانوكي بناء الأرض ، ونشأت الحضارة السومرية المتطورة ، وذلك قبل أن يعودوا إلى كوكبهم نيبيرو ، ولكن قبل أن يرحلوا تلاعبوا ببعض الچينات البشرية ؛ بهدف تنصيبهم ملوكا على البشر ؛ وحتى يتحكموا في الجنس في ظل غيابهم عن الأرض ، مما خلق ما يُعرف اليوم بالدم الملكي ، وهو ما عزّز الطبقية المجتمعية الحديثة، وبحسب الأسطورة سيعود الأنانوكي من جديد إلى الأرض ؛ ليحكموا الشعب الذي خلقوه .

وقد تردد اسم الأنانوكي في الحضارات التي تلت الحضارة السومرية ، مثل الحضارة الآشورية ، والبابلية ، والأكادية ، مع الاختلاف في بعض التفاصيل ، وهي أن الأرض غنية بحضارات قديمة ومتنوعة ، ومليئة بالغموض والأساطير المثيرة للاهتمام ، وهي لا تُعد ولا تُحصى .

وأخيرًا تبقى الحقيقة وما نؤمن به في دياناتنا من قصص وكتب إلهية ، والله وحده يعلم أسرار الحضارات القديمة وأصل رواياتهم .

آياتي خيري

Recent Posts

ريال مدريد بطلاً للدوري الاسباني بشكل رسمي

لُعبت اليوم الجولة الرابعة والثلاثين من الدوري الاسباني وضمت الجولة لقاءات حاسمة سواء بالنسبة لحسم…

7 ساعات ago

شروط التنازل عن وحدات الإسكان الاجتماعي

تطرح وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية وحدات سكنية للشباب الأعزب والمتزوج في مبادرات الغرض منها توفير…

8 ساعات ago

مانشستر سيتي بقيادة هالاند يكتسح ولفرهامبتون بخماسية

استضاف نادي مانشستر سيتي على ملعبه الاتحاد نادي ولفرهامبتون ضمن مباريات الجولة السادسة والثلاثين من…

9 ساعات ago

اوميجا 3 فوائده وأهم مصادره

   اوميجا 3 من الأحماض الدهنية غير المشبعة،  وله فوائد صحية عديدة حيث  يعتبر أوميغا…

9 ساعات ago

جيرونا يقسو على برشلونة برباعية ويقفز للمركز الثاني

استضاف مساء اليوم نادي جيرونا على أرض ملعبه نادي برشلونة في ديربي كتالوني ضمن منافسات…

9 ساعات ago

ريال مدريد يضرب قادش بثلاثية ويقترب من حسم الليغا

التقى عصر اليوم نادي ريال مدريد وضيفه نادي قادش وذلك في اللقاء الذي أُقيم على…

12 ساعة ago

This website uses cookies.