تعرف على”أزمة سد النهضة” عبر التاريخ

تعرف على”أزمة سد النهضة” عبر التاريخ

تقرير / أميمة حافظ

إذا عدنا بالتاريخ إلى الخلف نجد أن التوتر السياسى بين كل من مصر و إيثيوبيا بدأ حين أعلن الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات أزمة مد مياة نهر النيل إلى سيناء سنه 1979م لإستصلاح 135 ألف فدان فيها ، مما أثار غضب إيثيوبيا و التى بدورها قدمت شكوى رسمية ضد مصر إلى منظمة الوحدة الإفريقية سنه 1989م ، و هدد حينها الرئيس الاثيوبى بتحويل مجرى النيل .

ثم تم إبرام معاهدة لتسوية المنازعات بين مصر و إيثيوبيا سنه 1986م ، المعاهده تضمنت تسوية النزاع المائى بالإضافه لعشرات الاتفاقيات الخاصة بالتعاون فى مجالات مختلفه بين البلدين.
و فى يوليو سنه 1993م.

وتم توقيع وثيقة تفاهم بين الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك و رئيس وزراء إيثيوبيا حينها ميليس زيناوى ،
تضمنت الوثيقة عدة مبادئ ، كان أهمها عدم قيام اى دولة من الدولتين بأى نشاط يتعلق بمياة نهر النيل قد يترتب عليه ضرر لدولة دون الآخرى.و فى عام 1995م.

وتمت حادثة الإغتيال الشهيرة للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك فى العاصمة الإيثيوبية أديس أبابا حين كان فى زيارة لها ، فدخلت مصر و إيثيوبيا من جديد مرحلة التوتر ، و التى ترتب عليها توقيف كافة أعمال المجلس المصرى الإيثيوبى و توقفت بناء عليه كل العلاقات لمدة 17 عاما.

و فى العام 2011 و بالتحديد فى شهر فبراير و فى ظل المظاهرات المصرية التى إستمرت منذ إندلاع ثورة يناير ، أعلنت إيثيوبيا عن عزمها لإنشاء سد على نهر النيل على بعد 20_40كم من الحدود السودانية و بسعة تخزين تقدر بحوالى 16 و نصف مليار متر مكعب ، عرف إعلاميا بسد النهضة .

و فى إبريل 2011 و مع إستمرار المظاهرات فى مصر بين مليونية و جمعه و أحداث سياسية كثيرة و متتابعة أعلن رئيس وزراء إيثيوبيا عن البدء رسميا فى بناء السد ، و إنه تم وضع حجر الأساس له .

و بعد فترة و مع إستمرار الإرتباك السياسى فى مصر و فى ظل غموض الأحداث أعلنت إيثيوبيا أنها سوف تجعل مصر تطلع على مخططات السد لدراسة مدى تأثيرة على دولتى النصب مصر و السودان.
و فى شهر سبتمبر فى نفس العالم 2011 و مع توتر الأحداث فى مصر و إقتحام السفارة الإسرائيلية حينها و الإعتداء على مدرية أمن الجيزة ، وفى ظل تلك الأحداث إتفقت السلطات المصرية حينها مع السلطات الإيثيوبية على تشكيل لجنة دولية تدرس أثار بناء سد النهضة .

وفى سنة 2014 عادت المفاوضات من جديد حين تولى الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم فى البلاد ، و فى شهر يونيو 2014 و قع الرئيس المصرى السيسى و الرئيس السودانى عمر البشير و رئيس وزراء إيثيوبيا مايلى ميريام فى العاصمه السودانية الخرطوم و ثيقة إعلان مبادئ سد النهضة .

و فى سنة 2019 بحث وزراء الموارد المائية و الرى فى مصر و السودان و إيثيوبيا ملف سد النهضة ، و بحثو مقترحات ملء و تشغيل السد ، فإيثيوبيا ترغب فى ملء خزان السد فى 3 سنوات و مصر تعترض ذلك لتأثيره على حصتها فى نهر النيل و تقترح أن يتم ملء الخزان خلال 10 سنوات .
و بعدها يعلن المتحدث الرسمى بإسم وزارة الموارد المائيه أن المفاوضات قد و صلت إلى طريق مسدود نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبى و رفضه لكل المقترحات التى من شأنها رعاية مصالح مصر المائية .

وإيثيوبيا ترفض و بشكل تام كافة الإقتراحات بكل تشدد و تعنت و تعدى واضح على حقوق مصر المائية ، الأمر اللذى جعل التوتر يشتد و خاصة أن مصر تتمسك بكافة حقوقها القانونية .
بعد الوصول إلى طريق مسدود فى المفاوضات التى تمت بين مصر و إيثيوبيا ، طالبت مصر بتنفيذ المادة العاشرة من إتفاق إعلان المبادئ و التى تنص على مشاركة طرف دولى فى مفاوضات سد النهضة للتوسط بين الدول الثلاث (مصر / إيثيوبيا / السودان) و التى من دورها تقريب و جهات النظر و المساعدة للوصول إلى إتفاق عادل بين الأطراف الثلاث يحفظ كافة الحقوق للثلاث دول دون أن تجور دولة على مصالح دولة آخرى .

وفجاء دور الولايات المتحدة الأمريكية فى أزمة سد النهضة ، و التى أعلنت عن دعمها للمفاوضات الجارية بين الدول الثلاث و محاولاتهم للتوصل إلى حل عادل يرضى جميع الأطراف.

فذكر البيت الابيض أن الإدارة الأمريكية تدعو جميع الأطراف إلى بذل جهود للتوصل إلى إتفاق يحفظ جميع الحقوق ، و إحترام دول حوض النيل بعضها البعض فى الحقوق المائيه .

و من المعروف أن مصر و إيثيوبيا حليفتين للولايات المتحدة الامريكية لذلك أمريكا كانت حريصه على عدم خسارتها اى طرف من الطرفيين .

لذلك لم تطلب من وزير الخارجية التدخل بل طلبت من وزارة الخزانة الامريكية متابعة المفاوضات ، فمن الواضح أنها لم تتحمس من البداية للتدخل فى حل الأزمة و تتجنب التورط فى الوساطة.

و لم ينتج التدخل الأمريكى الغير جاد بالمرة عن اى تطورات فى ازمة سد النهضة ، و يستمر الوضع هكذا دون حل جديد ليأتى تصريح الرئيس الأمريكى فى أواخر العام الماضى 2020 و اللذى كان غريبا من نوعه ، حيث صرح ترامب ان مصر لن تستطيع العيش بهذة الطريقة و سينتهى الأمر بهم بتفجير السد ، فالقاهرة حذرت من قبل بكل صراحه و أديس أبابا لن ترى المساعدات من أمريكا مرة آخرى.

و جاء ذلك التصريح بعد أن انسحبت إثيوبيا  فى أخر لحظه من إتمام صفقة بشأن الأزمة مع كل الاطراف برعاية امريكية و هو الأمر الغير مقبول و أصبح الوضع خطيرا.

فضج الإعلام العالمى بخصوص تصريحات ترامب بشأن فكرة ضرب مصر لسد النهضة و حذر الإتحاد الأوربى من هذا التصريح و أننا لسنا بحاجه الآن لحرب جديدة .

فجاء رد رئيس وزراء إيثيوبيا آبى أحمد على التصريح قائلا أن سد النهضة سد إثيوبى و سوف يستكمل الإثيوبيين العمل فيه لا محاله ، و لا توجد قوة يمكنها ان تمنعنا من تحقيق أهدافنا التى خططنا لها ، و لم يستعمرنا أحد من قبل و لن يحكمنا أحد فى المستقبل ، مشددا فى كلامه على أن توجيه تهديدات إلى بلاده بشأن سد النهضة إسلوب خاطئ ، و لا يمكن لإحد أن يمس إيثيوبيا و يعيش بسلام ، و الإيثيوبيين سينتصرون ، متابعا حديثه : أن هناك أصدقاء صنعوا معنا التاريخ ، كما أن هناك أصدقاء خانو خلال صناعتنا هذا التاريخ وهذا ليس جديد على إيثيوبيا.

و لم ترد مصر فى تصريح صريح سواء على تصريح ترامب او آبى .
و حتى الأن يحاول الرئيس السيسى التصرف بعقلانية و إتباع كافة الأساليب السلمية للدفاع على حق مصر و اللذى كان يصرح دائما انه لن يفرط فى نقطة مياة واحده من حق بلاده .

و مع بداية العام الجديد 2021 بدات مفاوضات جديده فى الثالث من يناير و لم تسفر عن جديد ، حيث صدر بيان عاجل يوم الأحد الماضى عن نتائج التفاوض الأخير ؛

أصدرت وزارة الرى الإثيوبية بيانا عقب انتهاء المفاوضات برعاية الإتحاد الإفريقى إنه تم الإتفاق بشأن كل القضايا المتعلقة بالملء الأول و التشغيل السنوى للسد .

و أضافت الوزارة فى بيان أن إيثيوبيا لن توافق على أى قرار يحد من حقها فى مياة نهر النيل ، و أعربت عن موافقتها على مذكرة خبراء الإتحاد الإفريقى ، و إعتمادها كوثيقة حول آلية المفاوضات .
و أضافت أن الخلاف الرئيسى يكمن فى بعض الإرشادات المتعلقة بتعبئة السد و المشاريع المستقبلية .
و فى وقت سابق كان قد أعلن السودان تخصيص هذا الإسبوع لإجتماعات ثنايية بين الدول الثلاث ، على أن تستأنف الإجتماعات الثلاثية يوم الأحد القادم 10 يناير .
و مازالت المفاوضات قائمة .