إنفصال تكساس

إنفصال تكساس
تكساس

سنة 1836 تم إنفصال تكساس عن المكسيك، وأصبحت جمهورية مستقلة، برئاسة سام هيوستن، الذي كان قائدًا لجيش الولاية فيما قبل.

عاشت جمهورية تكساس المستقلة نحو 10 سنوات حظيت خلالها باعتراف الولايات المتحدة نفسها، ودول أوروبية مثل بريطانيا وفرنسا، وكان لجمهورية تكساس دستورها وعلمها وحكومتها الخاصة، وكانت تضم ضمن حدودها كلًا من ولاية لويزيانا وأوكلاهوما.

وإلى الآن يتجلى إرث جمهورية تكساس، في الثقافة السياسية الفريدة للولاية، والتي تتميز بإحساس قوي بالاستقلال والالتزام العميق بقيم الحرية، ولا يزال يتم الاحتفال بتاريخ استقلال جمهورية تكساس حتى اليوم.

ثم انضمت تكساس إلى الولايات المتحدة الأمريكية في 1845 بعد تصويت الكونجرس على انضمامها للولايات المتحدة، لتصبح الولاية ال28 من الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه إبان الحرب الأهلية الأمريكية، انفصلت تكساس عن الولايات المتحدة مرة أخرى سنة 1861 ثم عادت للإتحاد في 1870

بداية أزمة ولاية تكساس 

في أعقاب محاولة التمرد الفاشلة التي شارك فيها أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب، واقتحامهم للكونغرس عقب إنتخابات 2020، فإن ميليشيات اليمين المتطرف، مدفوعة بمزاعم ترامب بأن الانتخابات “سُرقت” أصبحت تطالب بشكل متزايد بالانفصال، ليس فقط في تكساس، ولكن في ولايات أخرى كذلك.

وأظهرت دراسة أجراها مجموعة من الباحثين من عدة جامعات أمريكية، أن الفكرة يؤيدها ثلث الجمهوريين في مختلف الولايات الأمريكية، وأكثر من نصف الجمهوريين في الولايات الكونفدرالية السابقة، وعلى رأسها تكساس.

ويرى البعض أن أعلام الكونفدرالية التي رفعها مقتحمو الكابيتول، لم تكن إشارة إلى الماضي، بل إلى المستقبل.

في يونيو 2022 أعلن الحزب الجمهوري الأمريكي في ولاية تكساس، اعتزامه الضغط على السلطات المحلية لإجراء استفتاء في 2023 لتحديد مصير الولاية ضمن الدولة، ولكن الطلب لم يكتمل تمريره.

وترى الدكتورة دونا جاكسون، وهي أستاذة التاريخ الحديث بجامعة تشستر البريطانية، أن “مواطني تكساس الذين يطالبون بالانفصال، يزعمون أنهم حُرموا من حقهم الانتخابي عام 2020 ومن ثم فإنهم لا يحصلون على كامل امتيازات المواطنة الأمريكية، ولذا فإنهم يرغبون في ترك الاتحاد”

وتستطرد د. جاكسون: “من الناحية الدستورية، إذا انفصلت أي من الولايات، فإنها لن تكون ملتزمة بالدستور، والمحكمة العليا لن يكون لها صلاحيات عليها، لذا بإمكان تكساس أن تنفصل.

ولكن سيتعين عليها الحصول على اعتراف الأمم المتحدة بها كدولة مستقلة، وستضطر إلى إنشاء نظم مالية واقتصادية ودفاعية، وتوقيع اتفاقات تجارية خاصة بها..إلخ، فالأمر أكثر تعقيدًا بكثير من مجرد الخروج من الإتحاد، بل يتضمن أيضًا تحديد آليات للمستقبل”

وتبرُز أهمية ولاية تكساس للجمهوريين على المستوى الوطني، ولا سيما خلال الانتخابات الرئاسية، فالولاية من المعاقل الرئيسية للحزب الجمهوري، وبدون أصوات أعضائها في المجمع الإنتخابي، لم يكن ليفوز أي من الرئيسين الجمهوريين جورج دابليو بوش ودونالد ترامب بالمنصب.

ومن ثم فمن المستبعد للغاية أن يدفع القادة الجمهوريون بإتجاه انفصال تكساس، ولا سيما ترامب، الذي ستكون محاولاته استعادة الرئاسة في انتخابات 2024 شبه محكوم عليها بالفشل، بدون دعم تكساس.

وعلى ضوء هذا التقديم، يمكن أن نتناول ما تناقلته مواقع إخبارية منذ مساء الجمعة 26/1/2024 من أخبار مفادها، أن المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية، قد أصدرت قرارًا بإلزام ولاية تكساس بإزالة سور من السلك الشائك، أقامته الولاية للفصل بين حدود الولاية وبين المكسيك.

سبب الأزمة

كان هذا السور قد بُديء في تنفيذه في 2019 إبان حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، ولم يكتمل العمل بالسور حتى مغادرة ترامب للرئاسة.

وبمجيء بايدن للحكم، فقد توقف العمل بالمشروع، إلا أن جريج أبوت، الحاكم الجمهوري لولاية تكساس، قام بتغطية قطاع كبير من الحدود، بسور من الأسلاك الشائكة.

وتعلل أبوت بأن إدارة بايدن لم تفعل شيئًا لتعزيز الحدود ومنعِ تدفق اللاجئين، مما حدا بإدارة بايدن للجوء إلى المحكمة العليا الفيدرالية، لاستصدار أمر من المحكمة بإزالة سور أبوت.

وقد حصلت الإدارة على الحكم، وأمهل البيت الأبيض حاكم ولاية تكساس، حتى موعد أقصاه 26/1/2024 لتنفيذ القرار، إلا أن أوان المهلة قد إنقضَى، ولم يقم أبوت بإزالة السور.

موقف حاكم تكساس

وبانتهاء المهلة، قام حاكم تكساس بتصعيد الموقف وأعلن رفضه تنفيذ الحكم وإزالة السور، حتى لو كلفه ذلك أن يصطدم الحرس الوطني للولاية بالحرس الوطني الفيدرالي الأمريكي.

يُشار إلى أن أبوت يُعد من الصقور في الحزب الجمهوري، ومن أكبر المؤيدين للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي دخل بدوره على خط الأزمة، محرضًا حاكم تكساس على العصيان.

يُشار إلى أن قضية الهجرة الغير شرعية إلى الولايات المتحدة، تُعد من النقاط الخلافية المهمة في الحملات الإنتخابية لكل من الجمهوريين والديموقراطيين، وقد تلعب الأزمة ــ إذا تفاقمت دورًا خطيرًا في الإنتخابات الرئاسية القادمة.

موقف الجمهوريين

وقد أعلن حوالي نصف الولايات الأمريكية، ذات التوجه الجمهوري، حتى الآن تضامنهم مع ولاية تكساس، وأبدى عدد من الولايات استعدادها لإرسال حرسها الوطني لمساندة تكساس ضد إدارة بايدن، في تصعيد واضح للموقف، بهدف إحراج الرئيس بايدن، في بداية السباق الإنتخابي.

موقف البيت الأبيض من أزمة تكساس

وفي الوقت الذي نشرت فيه مجلة نيوزويك الأمريكية رسمًا يصور انفصال ولاية تكساس عن خريطة الولايات المتحدة، أفادت تقارير إخبارية بأن أبوت يتخذ تدابير دفاعية، تحسبًا لغزو الولاية من قِبل الحرس الوطني الفيدرالي، وتبدو المبالغة واضحة في تصريحات جريج أبوت.

ومن المستبعد دقة كل تلك الأنباء، وهي لا تعدو أن تكون إطلاقًا للرصاص في الهواء، فليس من مصلحة أي من الطرفين، الديموقراطيين أو الجمهوريين، أن تصل الأمور إلى حافة الهاوية، ولكنها لعبة عض الأصابع الإنتخابية، ويسمونها أزمة تكساس.

تكساس
تكساس