قادة غيروا أسماء الأيام والشهور

قادة غيروا أسماء الأيام والشهور
روبسبير

أسماء الأيام والشهور المعمول بها الآن لم تكن بنفس أسماءها منذ الأبد، ولكن جرى عليها تغييرات وتبديلات عديدة، فهيا بنا لنأخذ جولة في التاريخ، لنتعرف على أبرز تلك التغييرات والتبديلات.

أسماء الأيام عند العرب قبل الإسلام

كانت أسماء الأيام والشهور عند العرب قبل الإسلام غير ما هي عليه اليوم، فقد كان يوم السبت يُسمَّى: شِيار، ويوم الأحد: أوّل، ويوم الإثنين: أهوَن، ويوم الثلاثاء: جُبَار، ويوم الأربعاء: دُبار، ويوم الخميس: مُؤيِس، ويوم الجمعة: عَروبة.

وقد جمع تلك الأسماء الشاعر الجاهلي المشهور “الذبياني” في أحد أبيات شعره، فقال:

أؤمّل أن أعيش وأنّ يومِيَ لِأوّل أو لِأهوَنَ أو جُبار ــ أو التالي دُبار فإن أفُـتهُ فمُؤنِسٌ أو عَروبٌ أو شِيار.

سمَّى الآراميون يوم الأحد: حَد، وتعني الأول، ويوم الإثنين: ترين، وتعني: الثاني، ويوم الثلاثاء: تلات، ويوم الأربعاء: أربع، ويوم الخميس: خَمّـش، ويوم الجمعة: عروبتا، وتعني: التجمع، ويوم السبت: شَبتا، وكانت مشتقة من الكلمة البابلية: سِبَت، أي سبعة.

وإتخذ اليهود اليوم السابع يومًا مقدسًا، لِما نزل عندهم في التوراة من أن الله خلقَ الخلقَ في ستة أيام، ثم استراح في اليوم السابع، فاتخذوا ذلك اليوم عيدًا أسبوعيًا لهم.

كما اتخذ المسيحيون يوم الأحد عيدًا أسبوعيًا، وذلك في زمن الإمبراطور الروماني “قسطنطين” وتَقرّر ذلك في مجمع نيقيا (321م) بغرض التميز والإستقلالية عن اليهود.

عَرف العرب تلك التسميات، من خلال رحلاتهم إلى بلاد الشام، حيث كانت اللغة الآرامية سائدًة فيه لقرون.

استمرت التسميات على ذلك عند العرب، حتى القرن الثاني الميلادي، حين ظَهَر ” كعب بن لؤي” الذي كان زعيمًا لعرب الجزيرة حينها، فثبّـت أسماء يومي السبت والجمعة وفقًا لمنطوقهما الآرامي، وغيّر باقي أيام الأسبوع إلى المسميات المعمول بها الآن.

وكعب بن لؤي، هو الجد السابع للرسول (ص) وكان حنيفيًا (على دين إبراهيم) وكان خطيبًا مفوّهًا، وعالِمًا باللغات العبرانية والسيريانية، وكان العرب يجتمعون إليه من يوم عَروبة، فيخطب فيهم ويعلمهم.

ويروي القرطبي والبغوي، أن كعبًا بن لؤي كان أول من قال في الخطبة: “أما بعد” كما يورِد ابن كثير في البداية النهاية، أَحَدَ خُطَب كعب، وفيها: (أما بعد، فاسمعوا، وتعلموا، وافهموا، واعلموا، ليلٌ ساجٍ، وونهارٌ ضاحٍ، والأرض مِهادٌ، والسماءَ بناءٌ، والجبال أوتاد، والنجوم أعلام، كل ذلك إلى بلاء، فصِلوا أرحامكم، وثمّروا أموالكم، وأوفوا بعهودكم، وأصلِحوا أحوالكم، فهل رأيتم من هالكٍ رجع، أو ميتًا نُشِر، الدار أمامكم، والظنّ خلاف ما تقولون، فزيّنوا حَرَمَكم وعظّموه، وتمسّكوا به ولا تفارِقوه، فسيأتي لهُ نباٌ عظيم، وسيخرج منه نبيٌ كريم).

ولاحقًا، تبدّل اسم يوم عروبة إلى “الجمعة” عند نزول الآية: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فاسْعَوْا إلى ذِكْرِ اللَّهِ وذَرُوا البَيْعَ ذَلِكم خَيْرٌ لَكم إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾

أسماء الأيام والشهور في زمن الثورة الفرنسية

قامت الثورة الفرنسية ضد الملك لويس السادس عشر، وزوجته ماري أنطوانيت، وذلك سنة 1789

وفي أحد مراحل الثورة الفرنسية، ظهَر “روبسبير” الذي تولى الحكم سنة 1793 وكان عنده ولعٌ بالغ بالتغيير، فأحدث في فرنسا زمن حُكمه عجائب، كان من أغربها أنه اخترع دينًا جديدًا لِيَنسخ به الديانة الكاثوليكية، وأسماه “دين العقل” أو دين الكائن الأسمَى «Culte de l,Être suprême» وهو دينٌ يؤمن بوجود إله، ولكنه غير الإله الذي تصِفُه الكنيسة الكاثوليكية.    

كما أنه وضَع تقويمًا جديدًا، فقد إرتأَى أن فرنسا تسبق الدول الأوروبية بألف عام، وبالتالي لابد من جعل تاريخ فرنسا يبدأ من موعد قيام الثورة بها.

فأعاد ترتيب أسماء الأيام والشهور، فزاد أيام الأسبوع من سبعة أيام إلى عشرة، وأيام العمل إلى تسعة أيام متواصلة، وسمَّى الأيام بأسماء الفواكه والخضروات، بدلاً من أسماء القديسين، وألغَى صلاة الأحد الأسبوعية، وغير تسمية الشهور، وسُمّي التقويم الجديد بالجمهوري، وظل معمولًا به حتى مجيء نابليون للحكم سنة 1804.

أما الشهور، فغيّر مسمياتها كالتالي:

  1. فينديميير، ويعني: حصاد العنب، ويبدأ من 22 سبتمبر.
  2. برومير، ويعني: ضباب، ويبدأمن 22 أكتوبر.
  3. فريميير، ويعني صقيع، ويبدأ من 21 نوفمبر.
  4. نيفوس، ويعني: ثلجي، ويبدأ من 21 ديسمبر.
  5. بلوفيوس، ويعني أمطار، ويبدأ من 20 يناير.
  6. فينتوس، ويعني: عاصف، ويبدأ من 19 فبراير.
  7. جرثومي، ويعني إنبات، ويبدأ من 20 مارس.
  8. فلوريال، ويعني: زهرة، ويبدأ من 20 أبريل.
  9. بريريال، ويعني: مراعي، ويبدأ من 20 مايو.
  10. ميزيدور، ويعني: حصاد، ويبدأ من 19 يونيو.
  11. ثرميدور، ويعني: حر الصيف، ويبدأ من 19 يوليو.
  12. فركتيدور، ويعني: فاكهة، ويبدأ من 18 أغسطس.

أسماء الأيام والشهور عند القذافي

وفي التاريخ المعاصر، بدّل القذافي أسماء الشهور، فقد اعتبر أن أسماء الشهور المعول بها في ليبيا والوطن العربي، هي أسماء رومانية، ولا يليق بالمسلمين العرب ان يستخدموا ألفاظًا رومانية، فأسمَى شهور السنة بالأسماء التالية

  1. شهر يناير إلى “أي النار” بسبب برده الشديد، ويبحث فيه الناس عن: أين النار، لِيتدفّأوا.
  2. شهر فبراير إلى: النوار، والنوار نوع من الزهور يتفتح في هذا الشهر.
  3. شهر مارس إلى: الربيع، لأنه بداية فصل الربيع.
  4. شهر أبريل إلى: الطير، لأن الطيور تهاجر فيه.
  5. شهر مايو إلى: الماء، لأن الجليد يذوب فيه، ويكثر الماء.
  6. يونية إلى: الصيف، لأنه بداية موسم الصيف.
  7. يولية إلى: ناصر، نسبة إلى جمال عبد الناصر، وثورته في شهر يولية.
  8. أغسطس إلى: هانيبال، لأن أغسطس: قائد روماني، وهانيبال: قائد قرطاجي حاول غزو روما.
  9. سبتمبر إلى: الفاتح، نسبة إلى ثورة القذافي في ليبيا، في الفاتح من سبتمبر.
  10. أكتوبر إلى: التمور، لأنه شهر حصاد التمور من النخيل.
  11. نوفمبر إلى: الحرث، لأنه شهر حرث الأرض، تمهيدًا لزراعتها.
  12. ديسمبر إلى: الكانون، لأن الناس تشعل فيه النار في الكانون للتدفئة من البرد، والكانون هو إناء فخاري.

وسَـمَّى تقويمه ذاك: تقويم الجماهيرية.

أسماء الأيام والشهور

ومِن عجَبٍ أن نهاية روبسبير والقذافي كانتا متشابهتين، فكلاهما مات مقتولًا إثر ثورة شعبية، وأُلغِي العمل بالتقويم وبأسماء الأيام والشهور التي وضعها كلٌ منهما.