قرارات البنك المركزي..إلى أين تتجه مصر؟

قرارات البنك المركزي..إلى أين تتجه مصر؟
قرارات البنك المركزي

قرارات البنك المركزي المصري الأخيرة لم تكن صادمة أو غير متوقعة، جميع المتابعين للاقتصاد المصري كانوا يتوقعون تلك القرارات لأن كل الأمور أصبحت حتمية، ولابد من المواجهة السريعة، والأوضاع الاقتصادية في مصر يوم تلو الآخر تزداد صعوبة.

وحاليًا تسجل معدلات التضخم في مصر تسجل معدلات غير مسبوقة في ظل ندرة للدولار، ووجود سوق موازي له أضر بقوة كل قطاعات الاقتصاد المصري المترنح.

قرارات لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي

وقررت لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري في اجتماعها الهام اليوم، والذي أنتهى منذ لحظات رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.25%، 22.25%، و21.75%على الترتيب.

كما تم رفع سعر الإئتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.75%.

أسباب قرارات البنك المركزي المصري الأخيرة

قرارات البنك المركزي المصري بالرفع جاءت بهدف الحد من توقعات التضخم العام وتقييد الأوضاع النقدية للحفاظ على مسار التراجع لمعدلات التضخم، وفق بيان المركزي المصري.

ويأتي ذلك في الوقت الذي واصلت فيه المعدلات السنوية للتضخم العام والأساسي انخفاضها لتسجل 33.7 بالمئة و34.2 بالمئة على الترتيب في شهر ديسمبر 2023.

فيما تشير التطورات الحالية في الاقتصاد المصري إلى “استمرارية الضغوط التضخمية وارتفاعها عن نمطها المعتاد، وهو ما ينعكس على تضخم أسعار كل من السلع الغذائية وغير الغذائية”.

ذلك بالإضافة إلى التوقعات بشأن استمرار تلك الضغوط التضخمية في ضوء إجراءات ضبط الحالة المالية العامة، وكذا تواصل الضغوط من جانب العرض، حيث أسهم ارتفاع معدل نمو السيولة المحلية عن متوسطه التاريخي المعتاد في تصاعد الضغوط التضخمية.

السيطرة على الضغوط التضخمية القوية

بحسب الخبراء والمتخصصين، فإن قرارات البنك المركزي المصري برفع الفائدة جاء في ضوء رؤية البنك بشأن استمرار الضغوط التضخمية التي تعاني منها مصر بشدة خلال هذه الفترة.

وذلك بسبب عدة أمور ليس فقط من جانب ارتفاع الطلب ولكن أيضًا من جانب العرض ومع تراجع المعروض في الأسواق في ظل استمرار الضغوط الجيوسياسية في المنطقة واضطراب الملاحة البحرية بشكل عام في البحر الأحمر.

تتوافق تلك العوامل السابقة مع رؤية كلا من الفيدرالي الأميركي والبنك الأوروبي بشأن وجود ضغوط تضخمية عنيفة ناتجة عن توترات جيوسياسية كثيرة وحالة من عدم الاستقرار الكبير.

الحروب والمشكلات في المنطقة عامل هام في المشكلة

تأثير التوترات الحالية وخاصة في منطقة البحر الأحمر تؤدي إلى نقص المعروض، خاصة وأن السفن تستغرق فترة أطول من المعتاد لنقل البضائع فضلًا عن ارتفاع قيمة التأمين عليها لزيادة المخاطر.

وهو الأمر الذي أدى إلى صدور قرارات البنك المركزي المصري برفع المعدلات بهدف الحد من توقعات التضخم المستمرة بعنف خلال الفترة المقبلة، وامتصاص السيولة.

وبالتالي يبدأ مسار التضخم في الهبوط وتعود السيطرة على معدلات التضخم، وهذا يعكس تحرك وسياسة المركزي المصري وفقًا للمعطيات الحالية وفي ظل توترات حالية ومتوقعة.

سعي مستمر ولكن

وأوضح أن البنك المركزي يؤكد استمرار سعيه نحو تحقيق أهدافه بشأن تراجع التضخم، لذلك على الرغم من تسبب قرارات البنك المركزي في رفع الفائدة في تباطؤ معدلات النمو لمصر، إلا أنه يعد قرارًا متوقعًا وطبيعيًا اتخذته جميع البنوك المركزية في العديد من البلدان بسبب الأزمة المستمرة، بهدف تقليل الضغوط التضخمية قدر المستطاع.

البحر الأحمر المشكلة

وفي بيان لجنة السياسات النقدية  الصادر عن البنك المركزي المصري تمت الإشارة بشكل واضح إلى أثر التوترات الجيوسياسية العنيفة التي يشهدها العالم حالياً وكذا اضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر بسبب الأحداث في المنطقة.

تحرير مُرتقب لسعر الصرف أم تعويم كامل؟

وفي السياق ذاته، وبحسب أقوال كثير من الخبراء الاقتصاديين والماليين فإنه “قد يحدث خلال الأيام القليلة المقبلة تحرير لسعر الصرف خاصة وأنه أحد أهم مطالب وشروط صندوق النقد الدولي لاستكمال القرض لمصر”.

ويضيف الخبراء: “ننتظر بعض القرارات السيادية لضبط السوق الموازية؛ خاصة وأن ارتفاع الأسعار جاء نتيجة لتقلص النقد الأجنبي في ظل الاعتماد على الاستيراد وأن وجود سعرين للصرف يسهمان بشكل واضح في ارتفاع الأسعار مع استمرار ارتفاعات الدولار المتوالية والمتسارعة أمام الجنيه المصري”.

السوق الموازي للدولار في مصر أساس المشكلة

حاليًا، يصل سعر الدولار في جميع البنوك المصرية رسمياً إلى ما دون الـ 31 جنيهاً، بينما تجاوز سعره في السوق الموازية مستوى الـ 70 جنيهاً وهو فارق ضخم في السعر ويسبب أزمة كبيرة داخل مصر.

مفاوضات مع صندوق النقد من أجل قرض جديد

ويعتقد الخبراء بأن قرار رفع أسعار الفائدة يعد جزءاً أساسيًا من مفاوضات صندق النقد الدولي، ومن ثم اتخاذ قرارات لاحقة متممة بعد ذلك مرتبطة بسعر الصرف، وبالتالي زيادة الطلب على الجنيه المصري، سواء على مستوى أذونات الخزانة العامة أو السندات، الأمر الذي يدفع بصعود الجنيه إلى التقدم.

الوضع صعب

قرارات البنك المركزي المصري الأخيرة هي بداية لحزمة قرارات قادمة في الأيام القليلة القادمة في محاولة لضبط حالة التضخم والسيطرة على الأسعار والأسواق، ولكن الأمر ليس بالسهل والوضع صعب خاصة بعد أن غيرت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية نظرتها المستقبلية لمصر من “مستقرة” إلى “سلبية” وهو أمر ليس بالخبر السار للحكومة المصرية.

 

قرارات البنك المركزي المصري ومحاولة جديدة من أجل السيطرة على ارتفاع الأسعار في الأسواق
قرارات البنك المركزي