ماهو تأثير التكنولوجيا على نمو الطفل وأضرارها؟

ماهو تأثير التكنولوجيا على نمو الطفل وأضرارها؟

يتزايد تأثير التكنولوجيا على نمو الطفل مؤخرًا مع تزايد استخدامهم لها بترك الوالدين أطفالهم أمام الشاشات لمدة طويلة من الوقت لأسباب مختلفة، وبالأخص عندما تكون الأم منشغلة في أعمال المنزل من طبخ وغيره اعتقادًا منها أنها وسيلة جيدة لإلهاء الطفل. وفي عصرنا الحالي، عصر المعلومات والتكنولوجيا -والعصر الرقمي- أصبحت الهواتف لا تفارق الأشخاص وجزء لا يتجزأ من يومهم وأصبح الهاتف بمثابة الشيء المثير للطفل الذي يود استكشافه.

وفي هذا المقال نتناول هذا التأثير في مختلف مجالات النمو الخمس، وهم: النمو البدني، النمو المعرفي أو العقلي، النمو اللغوي، النمو الاجتماعي، ونمو رعاية الذات. وخطورة الاعتماد الزائد على الشاشات وما ينتج عنه من ضرر على الطفل أثناء مراحل نموه، والجانب الإيجابي والسلبي للتكنولوجيا وكيفية التحكم وضبط تلك المشكلة التي باتت مثل الفيروس الذي لا يخلو بيت منه.

تأثير التكنولوجيا على نمو الطفل

التكنولوجيا هي سلاح ذو حدين وقد شاع الجانب السلبي لها، ونذكر تأثيرها الواقع على جوانب النمو الخمسة على النحو الآتي:

النمو البدني

يحتاج الطفل أثناء نموه لممارسة الأنشطة المختلفة من الحركة العشوائية واللعب سواء مع أقرانه أو اللعب التخيلي بمفرده، وقد يسبب الاستخدام المفرط للتكنولوجيا إلى توقف العملية الطبيعية التي يجب أن تحدث أثناء مراحل النمو الأولى له وتُستبدل بحالة من الكسل والخمول أمام الشاشات.

كما تظهر اضطرابات في الأكل والنظام الغذائي بالزيادة أو النقصان؛ فقد يفرط في تناول الإطعام مع عدم الحركة مما يسبب له سمنة أو انخفاضًا في وزنه نتيجة قلة الأكل وعدم المحافظة على الوجبات الرئيسية له. واستهلاك الوقت أمام الهواتف أيضًا يعتبر ضمن عوامل إصابة الطفل باضطرابات في النوم مثل الأرق أو السهر الذي ينعكس بالسلب على صحته الجسدية والعقلية.

النمو المعرفي

وهو من أبرز المجالات التي يجب الاهتمام بها أثناء مراحل النمو، حيث يكتسب الطفل معظم خصاله ويتعلم مختلف الأشياء من خلال الملاحظة لكل فعل يصدر من الوالدين والبيئة المحيطة به، وقضاء أوقات طويلة أمام الشاشات يُسبب فقر معرفي للطفل في الفترة التي يحتاج فيها لتشكيل معرفته.

وبالنسبة للطفل من عمر 6 شهور إلى سنتين ف كثرة تعرض المثيرات المختلفة والسريعة في نفس الوقت تكون بمثابة ضرر كبير للطفل في الجانب المعرفي واللغوي، وسوف نتعرض له بشيء من التفصيل في كل مجال.

أما في المجال المعرفي يحتاج الطفل في هذا العمر إلى تعريفه بالأشياء المختلفة بطريقة بسيطة واحدة تلو الأخرى، أما الشاشات تعتمد على مثيرات كثيرة في آن واحد مما يجعل الطفل في حالة تشتت ولا سيما إذا كان محتوى مرئي يستخدم ألوانًا كثيرة ولقطات سريعة أو لغة مختلفة عن لغة الطفل الأم، ويكون الطفل في حالة انبهار بما يعرض ولكن حالة الانهبار تلك بمثابة كارثة للآثار التي سوف تنتج عنها إذا استمر على نفس الوتيرة.

والأطفال الأكبر من سن السنتين يظهر الأثر السلبي في المجال المعرفي لديهم في قلة التركيز وضعف الانتباه وصعوبة الاستمرار في المهام التي تتطلب بعض الوقت ويمتد الأثر ليصل إلى المجال الأكاديمي.

النمو اللغوي

تكتمل اللغة عند الطفل من 4 إلى 6 سنوات، ولكن عند استخدام الشاشات بكثرة يكون الضرر حينها أكثر من النفع حيث يكون الانتباه الأكبر للطفل في السمع والبصر؛ مما يؤثر على اللغة الاستقبالية لدى الطفل وبالتبعية اللغة التعبيرية التي تتمثل في النطق والكلام.

كما يجب توجيه الاهتمام بتعلم الطفل اللغة الأم واكتمالها قبل إدخال لغة أخرى، وعلى الوالدين التحدث مع الطفل بشكل دائم لدعم اللغة وعدم تركه أمام الشاشات لساعات طويلة.

النمو الاجتماعي

تضعف التكنولوجيا الجانب الاجتماعي لدى الطفل بشكل كبير في كلتا المرحلتين المبكرة والمتأخرة. ويظهر ذلك في:

  • ضعف العلاقات الاجتماعية، حيث يقضي الطفل وقته أمام الهاتف والكمبيوتر مما يمنعه من قضاء الوقت مع الأطفال من نفس عمره والتعرف عليهم. وفي مرحلة المراهقة تتجلى تلك المشكلة في الاكتئاب والشعور بالوحدة بالإضافة إلى صعوبة تكوين علاقات والحفاظ عليها.
  • ضعف الروابط الأسرية، في تلك الفترات نرى بوضوح ظاهرة التفكك الأسري وصناعة كل فرد لعالمه الخاص والعيش داخله والانفصال عن الواقع وما ينتج عنه من مشاكل تصل لحد عدم معرفة بعضهم البعض.

والمراهق نتيجة لذلك التفكك يبدأ في البحث عن علاقة تعوض نقص ذاك الجانب أو تبدأ أزمة عدم وجود لغة حوار بينه وبين الأهل.

  • ضعف التواصل والمهارات الاجتماعية، مما ينجم عنه ضعف الثقة بالنفس لدى الطفل والعزلة.
  • انخفاض الذكاء العاطفي، يتعرض الطفل للشاشات أكثر من تعرضه للأشخاص ويفتقد التعرض لانفعالات وتعبيرات مختلفة؛ مما يجعله يواجه صعوبة في إعطاء الاستجابة المنتظرة.
  • نقص الخبرة، بسبب عدم التعرض لمواقف كافية وتظهر تلك المشكلة أكثر في مرحلة المراهقة. أما في الطفولة تظهر في تكرار الأخطاء لعدم الانتباه وتعلم الاستجابة الصحيحة في المواقف التي يتعرض لها.
  • انخفاض قدرة الطفل في التعبير عن نفسه.

نمو رعاية الذات

يتعلم الطفل منذ الصغر أساسيات الرعاية اللازمة له، مثل: النظافة الشخصية، استخدام المرحاض بطريقة صحيحة، ارتداء الملابس، والأكل بمفرده دون الحاجة للمساعدة وكل ما يحتاجه الطفل لتعزيز استقلاله. ولكن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا تسبب تخلف الطفل عن أقرانه في التمكن من تلك الأساسيات.

التأثيرات السلوكية

يؤدي الاعتماد المفرط في استخدام التكنولوجيا إلى مشكلات سلوكية عدة، ونذكر منها الآتي:

  • تعلم سلوكيات غير مرغوبة فيها من خلال مشاهدة الطفل لمحتويات غير محببة.
  • خطر التعرض لمحتوى إباحي وما ينتج عنه من سلوكيات التحرش.
  • إدمان التكنولوجيا والألعاب والسوشيال ميديا.
  • التنمر.
  • العنف والعدوان.
  • استخدام الألفاظ البذيئة.
  • السعي نحو المثالية وعدم الواقعية، حيث يجد الطفل نفسه محاطًا بعالم افتراضي مليء بالأشياء التي تروج على أنها متطلبات لا بد وأن يحصل عليها. ومن هنا يبدأ الطفل في السخط على واقعه ومحاولة الوصول للكمالية والتقليد الأعمى لبعض النماذج التي قد تكون سيئة.

التكنولوجيا وتعزيز الابتكار

كما ذكرنا الجانب السلبي وتأثير التكنولوجيا على نمو الطفل، وجبت الإشارة إلى الجانب الإيجابي لها وكيفية استفادة الأطفال منها.

  • تعزز التكنولوجيا الإبداع والابتكار لدى الأطفال، حيث إن الطفل يكون لديه حب الاستطلاع لما هو جديد عن معرفته وشغف للتجربة.
  • أداة تعلم واكتساب معرفة لأي معلومة أو موضوع.
  • يُمكن استخدام الوسائل البصرية المختلفة في مجال التعليم لتعزيز العملية التعليمية وخلق التفاعل.
  • تنمية التفكير النقدي واستقبال وجهات نظر مختلفة، ولكن وجب التنبيه أن تتم تلك العملية تحت إشراف الوالدين لتوجيه الطفل لأفكار مختلفة ضمن الإطار المرجعي المناسب.
  • اكتشاف ثقافات مختلفة وزيادة الوعي حولها.

توصيات للحد من تأثير التكنولوجيا على نمو الطفل

لإحداث التوازن في استخدام التكنولوجيا والحد من سلبياتها ف على الآباء الالتزام ببعض التعليمات.

  1. تحديد الوقت لاستخدام الهواتف أو الكمبيوتر.
  2. المراقبة والتوجيه، من خلال مشاركة الأنشطة المختلفة من الآباء مع الأطفال وتحديد المحتوى المناسب لهم.
  3. توفير محتوى ترفيهي سبق فحص الوالدين له.

كما يجب الحث على أنشطة بديلة عن التكنولوجيا مثل القراءة، أو تعلم صناعة أشكال من صلصال أو ورق، شراء الألعاب المختلفة، تعزيز اللعب مع الأصدقاء، تشجيع لعب الألغاز والالتفات للطبيعة وتجربة أشياء جديدة.

مقدار الوقت المناسب لاستخدام الشاشات

  • يُمنع استخدام الشاشات للأطفال دون العامين.
  • من 2 إلى 5 سنوات: ساعة واحدة يوميًا تحت رعاية أحد الوالدين.
  • من 5 إلى 17 سنة: ساعتان يوميًا.