معبد أبو سمبل.. عبقرية الفراعنة في صحراء النوبة

معبد أبو سمبل.. عبقرية الفراعنة في صحراء النوبة
معبد أبو سمبل

يحتفظ معبد أبو سمبل بأسرار الفراعنة، وبهاء العصور القديمة في قلب صحراء النوبة، تلك الصحراء التي تنبض أسرارًا عميقة وتاريخًا عريقًا.

هنا، على ضفاف بحيرة ناصر، سوف تجد معبد يحكي لنا قصة الشمس والحجر، حيث يتلاقى الإبداع البشري مع قوة الطبيعة.

عندما ترتفع شمس الصباح، تتسلل أشعتها إلى قلب المعبد، مضيئة تماثيل الفرعون رمسيس الثاني وزوجته نفرتاري، يبدو أن الشمس نفسها تحيي الحجر. 

تاريخ معبد أبو سمبل 

يعود تاريخ بناء معبد أبو سمبل إلى عهد الفرعون رمسيس الثاني في القرن الثالث عشر قبل الميلاد.

عندما بني هذا المعبد كنصب دائم للملك والملكة نفرتاري، للاحتفال بذكرى انتصاره في معركة قادش. 

ومع مرور الأزمنة وهجران المعابد، صارت مغطاة كليًا بالرمال، وفي القرن 6 قبل الميلاد، كانت الرمال تغطي تماثيل المعبد الرئيسي حتى الركبتين.

حتى عام 1813، عندما اكتشف المستشرق السويسري جي آل بورخاردت كورنيش المعبد الرئيسي. 

وفي خلال إنشاء بحيرة ناصر، وبعد بناء السد العالي في أسوان على نهر النيل، كان من الهام جدًا نقل المعابد لتجنب تعرضها للغرق. 

ومنذ ذلك الحين، أصبح معبد أبو سمبل واحد من أفضل المناطق لجذب السياحة في مصر، حتى إنه جزء من منظمة اليونسكو العالمية. 

تصميم معبد أبو سمبل 

في البداية يتميز تصميم المعبد الخارجي، بأربع تماثيل ضخمة للفرعون رمسيس الثاني على واجهته، تمثل هذه التماثيل الفرعون جالسًا على العرش ومحاطًا بألواح من الحجر الرملي.

وتوجد القاعة الرئيسية المحفورة في الصخر، التي تحتوي على أعمدة مزينة بتماثيل الفرعون والآلهة، تصميمها يعكس الهندسة المعمارية المتقن بطريقة خرافية للعصور القديمة.

من الجدير بالذكر إنه تم تصميم المعبد بحيث يُضيء من ضوء الشمس خلال مهرجان الشمس في أيام 22 فبراير و22 أكتوبر. 

بينما التصميم الداخلي للمعبد، له نفس التصميم الثلاثي المتبع في أغلب المعابد المصرية القديمة. 

سوف تجد الردهة الأولى، تلك التي تحتوي على ثمانية أعمدة مزينة بالنقوش الفرعونية والكتابات الهيروغليفية، وأيضًا تماثيل الفرعون والآلهة. 

بينما تجد الردهة الثانية مزينة بأربعة أعمدة مزخرفة، وفيها تمثال رمسيس الثاني جالسًا مع بعض الآلهة مثل الإله رع وآمون. 

وفي النهاية، سوف تجد المضجع الرئيسي، ذلك الذي يحتوي على تمثال رمسيس الثاني وزوجته نفرتاري جالسين على العرش. 

مهرجان الشمس في معبد أبو سمبل 

كما ذكرنا سابقًا، يحدث مهرجان تعامد الشمس في معبد أبو سمبل مرتين كل عام، في 22 فبراير و22 أكتوبر.

لكل من هذين التاريخين دلالته الخاصة لدى قدماء المصريين. 

 حيث يعني يوم 22 أكتوبر، بداية موسم الحصاد لدى المصريين القدماء، بينما يوم 22 فبراير فهو يعني موسم الفيضان والزراعة.

في خلال المهرجان، تتجمع الجماهير لمشاهدة ظاهرة تعامد أشعة الشمس على وجه تمثال الفرعون رمسيس الثاني داخل المعبد. 

ماذا يحدث في المهرجان؟

تتجه أشعة الشمس بدقة إلى داخل المعبد، بعد اختراقها الممر الأمامي لمدخل المعبد بطول 200 مترًا.

يحدث هذا في إعجاز فلكي غريب، بالتوازي مع التصميم المعمارية الخرافي، حيث يجب أن يكون المحور مستقيمًا لمسافة أكثر من 60 مترًا. 

والمذهل في الأمر، أن هذه الحسابات أجريت قبل أكثر من 3300 عام بأسس فلكية وجغرافية ورياضية سليمة.

يعد مهرجان الشمس تجربة سياحية فريدة، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بجمال المعبد والتاريخ العريق لمصر. 

بهذا المهرجان، يتم الاحتفاء بتراث مصر العريق والتواصل مع الأجيال القديمة من خلال الشمس والتصميم الفلكي المذهل في معبد أبو سمبل. 

نقل المعبد وترميمه وإجراءات الحفاظ عليه

في عام 1960، تم نقل مجمع المعابد بأكمله إلى مكان آخر على تلة اصطناعية مصنوعة من هيكل القبة. 

وكما ذكرنا سابقًا، تم ذلك فوق خزان السد العالي في أسوان لتجنب تعرض المعابد للغرق خلال إنشاء بحيرة ناصر. 

من الجدير بالذكر، إنه يتم الاهتمام بالمعبد من قبل فرق متخصصة للحفاظ على حالته، ويتم ذلك عن طريق تنظيف الجدران والتماثيل وإصلاح أي تلف يحدث بسبب العوامل البيئية.

هذا بالإضافة إلى إنه يتم مراقبة الرطوبة ودرجات الحرارة داخل المعبد للحفاظ على الحجر والنقوش.

وكذلك يتم وضع أغطية وحواجز لحماية المعبد من الرياح والرمال والأمطار، وأيضًا يتم توجيه الزوار للحفاظ على المعبد من خلال توعيتهم بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي.

سوف ترى الجدران المحفورة في الصخر تروي قصصًا عن الحروب والانتصارات، عن الآلهة والملوك.

وتشاهد تماثيل رمسيس الثاني الشامخة، صاحب معجزة تعامد الشمس، وهي جالسة على العرش.

سترى تلك الأعمدة المزخرفة التي تحمل أسرارًا قديمة، إنها لغة الحجر التي تنطق بتاريخ مصر و حضارتها.