ملامح من حياة حافظ إبراهيم في ذكرى ميلاده

ملامح من حياة حافظ إبراهيم في ذكرى ميلاده
حافظ إبراهيم

محمد حافظ إبراهيم من أشهر شعراء العرب المعاصرين، وكان يلقب بشاعر النيل، وشاعر الشعب، وينتمى إلى مدرسة الإحياء والبعث، وهى المدرسة الشعرية التى كانت تضم كبار الشعراء مثل أحمد شوقي، ومحمود سامي البارودى، وأحمد محرم، وعلى الجارم وغيرهم.

ويتميز شعره بتجسيد معاناة وآلام الإنسان، وكان على علاقة قوية بأمير الشعراء أحمد شوقي واستمرت إلى وفاته.

وقد حظى الشاعر حافظ إبراهيم باحترام كبير ممن يعرفونه، حتى الشعراء المعارضين له كانوا يكنون له كل الإحترام والتقدير.

مولده

وُلد حافظ إبراهيم فى مدينة ديروط بمحافظة أسيوط، وترجع أصوله إلى أب مصرى، وأم تركية، ولكن تاريخ حافظ إبراهيم لم يكن معلوماً، ولم يُذكر حتى فى أوراقه الرسمية، وعند تعيينه فى دار الكتب تم إرساله إلى لجنة طبية لتقدير عمره فقدروه ٣٩ عاماً، وقرروا تاريخ مولده ٢٤ فبراير ١٨٧٢ .

كان يلقب بشاعر النيل ، ولقب بهذا الإسم لأنه وُلد على سفينة كانت راسية على ضفاف النيل، أطلق عليه هذا اللقب أمير الشعراء أحمد شوقي.

نشأته وحياته

كان والد حافظ إبراهيم يسكن فى سفينة راسية على ضفاف النيل مع زوجته، حيث كان من المهندسين المسؤولين عن القناطر التى تقام على نهر النيل، ولكنه فارق الحياة وحافظ فى الرابعة من عمره فانتقلت به أمه إلى مدينة القاهرة وتكفل خاله برعايته، وكان يعيش حياة الطبقة المتوسطة التى كانت أقرب إلى الضيق من السعة فكان يعانى من صعوبة الحياة منذ صغره.

تلقى التعليم الإبتدائي والثانوي ولكنه لم يكمله، وانتقل مع خاله إلى طنطا فانقطع عن التعليم فترة، وكان يتردد على الجامع الأحمدى أحياناً ليتعلم دروس فى طرائف الشعر القديم والمحدث، فاتجهت نفسه إلى الأدب والشعر.

ثم عمل بالمحاماة فترة نظراً لأنه كان طليق اللسان، وكانت المحاماة مهنة حرة فى ذلك الوقت، ولكنه لم يستمر بالعمل بها لأنها كانت تتنافى مع حريته، وقرر حافظ الإنتقال للقاهرة والإستقلال بذاته وذلك لما يراه من ضيق العيش مع خاله فرحل وترك له رسالة كتب فيها:
ثقلت عليك مؤونتى
إنى أراها واهية
فافرح فإنى ذاهبٌ
متوجهٌ فى داهية

ثم فكر فى الإلتحاق بالكلية الحربية حيث كان يغلب عليه روح الشعر والخيال من الناحية العسكرية فالتحق بها عام ١٨٨٨ وتخرج منها عام ١٨٩١ ضابطاً برتبة ملازم ثانِ.

وفى عام ١٩١١ التحق بالعمل فى دار الكتب المصرية فى عصر وزير التربية والتعليم حشمت باشا، وكان دوره يقتصر على تنظيم الشعر، وظل فى هذه الوظيفة حتى عام ١٩٣٢.

حياته الخاصة

تزوج حافظ إبراهيم عام ١٩٠٦ من أمرأة ثرية من حي عابدين، إلا أن الزواج استمر أربعة أشهر فقط، ولم يتزوج بعدها، كما أنه لم يكن للمرأة مكان فى مسيرته، ولم يذكر فى شعره مايخص المرأة إلا فى ثلاث صفحات فقط.

أساتذته

كان الشاعر حافظ إبراهيم يحضر مجالس الأدباء والشعراء ليتعلم منهم، فقد تعلم من أشهر علماء عصره وكان منهم السيد توفيق البكرى، فكان لا يتوانى حافظ عن الذهاب إلى منزله فى حى الخرنفش.

وكان يذهب إلى منزل الشيخ إسماعيل صبرى حيث كان كبار الشعراء يذهبون إلى هذا الشاعر ليتعلموا منه ويأخذوا برأيه فى أشعارهم مثل أحمد شوقى، وخليل مطران، وأحمد نسيم وغيرهم من الشعراء، وكان حافظ إبراهيم صاحب ذاكرة قوية وهذا ساعده فى تعلم الشعر وجمع كثير من مفردات اللغة وتراكيبها.
كما ذكر حافظ فضل الشاعر إسماعيل عليه فى تعليمه الشعر، وكذلك الشاعر محمود سامى البارودى والإمام محمد عبده.

موضوعه فى الشعر

• الشعر السياسي : كان حافظ متميز فى هذا اللون من الشعر حيث أنه كان وطنى بفطرته، فكان يكتب الكلمات التى تصف ما يحدث فى الوطن من قضايا وأحداث، وكان يحضر مجالس القادة السياسيين والإجتماعيين ويتأثر بهم فكانت أشعاره لا تخلو من أى قضية تحدث، ومن نماذج شعره السياسي :
كنا قلادة جيد الدهر فانفرطت
وفى يمين العلا كنا رياحينا
كانت منازلنا فى العز شامخة
لا تشرق الشمس إلا فى مغانينا

• الشعر الإجتماعى: أثرت نشأته ومخالطته بالناس، وانخراطه فى عاداتهم وآدابهم على شعره الإجتماعى ، وكان متأثراً بالأفكار التى يعرضها البارودى،ومحمد عبده، وقاسم أمين، وسعد زغلول وغيرهم

• شعر الرثاء: كان من أبرز الموضوعات التى يتميز فيها والتى كان يعبر بها عن مشاعر الحزن التى كانت تؤثر عليه بسبب الفقد، ومن أبرز ما كتب فى هذا المجال:
حياكم الله أحيوا العلم والأدبا
إن تنشروا العلم ينشر فيكم العربا
ولا حياة لكم إلا بجامعة
تكون أما لطلاب العلم وأبا

• شعر المديح فى اللغة العربية: حيث عُرف بحبه الشديد للغة االعربية والدفاع عنها، وعندما حاول الإستعمار البريطانى إلغاء اللغة العربية وتعزيز الإنجليزية، نظم بعض القصائد يتحدث فيها بلسان اللغة العربية وما وصلت إليه ومنها:
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتى
وناديت قومى فاحتسبت حياتى
رموني بعقم فى الشباب وليتنى
عقمت فلم أجزع لقول عداتى

سمات شعر حافظ إبراهيم

اتسم شعر حافظ بسمات متعددة منها:

استخدام الكلمات البسيطة والبعد عن الألفاظ المعقدة والغريبة، حيث أنه كان يكتب بأسلوب يفهمه كل طبقات المجتمع من الملوك إلى عامة الشعب، ولذلك سُمى بشاعر الشعب.

بعده عن الخيال، حيث أن معاناته فى الصغر انعكست على شعره فكان فاقداً للوصف الذى يحرك به المشاعر.

كان من أكثر الشعراء فصاحة، حيث يتسم شعره بالقدرة على إيصال المعنى المطلوب .
الوحدة الموضوعية.

عاطفته الشعرية

يتمثل شعر حافظ إبراهيم فى التعبير عن مشاعره وعواطفه فى القضايا والمشاكل العالمية، ومن قصائده المتميزة جداً هى التى يتحدث فيها عن وطنه مصر فكان يدافع عنها فى أشعاره، كما أنه كان يكتب الشعر بعاطفته ولم يحاكِ أحد فى أشعاره مثل باقى الشعراء .

ومن أشهر مؤلفاته : المؤلفات الكاملة، سؤال وجواب، ليالى سطيح، الديوان، البؤساء

وفاته

توفى حافظ إبراهيم فى ٢١ يونيو عام ١٩٣٢ فى بيته بضاحية الزيتون فى القاهرة، وكان قد استدعى اثنين من أصدقاءه ليتناول معهم العشاء، وبعد مغادرتهما شعر بوطئ المرض، فأسرع غلامه لاستدعاء الطبيب، وعندما عاد كان حافظ يلفظ أنفاسه الأخيرة، ودُفن فى مقابر السيدة نفيسة رضى الله عنها.