الحكم في قضية اغتيال شكري بلعيد
بعد مرور أكثر من 11 عام من اغتيال شكري بلعيد، يصدر القضاء التونسي أحكامه ضد قتلة السياسي المعروف بلعيد، في حادثة تركت وراها صدمة كبيرة لمجتمع بأكمله، وخلفت وراها أزمه حادة داخل الشعب التونسي، ويعد هذا الحكم القضائي أول حكم يصدر في هذه القضية المثيرة للرأي العام، حيث أن الصراعات السياسية والتحالفات الحزبية خلال الفترة التي تلت حادثة الاغتيال حالت دون الوصول إلى تحقيقات عادلة،
من هو شكري بلعيد
هو محامي وسياسي ولد في 26 نوفمبر1964، ولد في منطقة سيدي عبيد من ولاية جندوبة، كان معارضًا للرئيس الحبيب بورقيبة، وللرئيس زين العابدين بن علي مما تسبب في سجنه، وكان اغتيال شكري بلعيد عضو سابق في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي وأحد مؤسسي تيار الجبهة الشعبية وكان عضواً لمجلس الأمناء ومن أشد المنتقدين للحكومة الائتلافية في تونس بعد ثورة الياسمين، المكونة من أحزاب “النهضة، والتكتل ، والمؤتمر” وكان يحذر المجتمع التونسي قبل اغتياله من أن الأحزاب الإسلامية ستلجأ للعنف، وكان هذا ابرز ما قاله قبل اغتياله بيوم واحد” أنهم سيلجؤون للعنف كلما زادت عزلتهم السياسية، وكلما قلت شعبيتهم بين الناس، وقد كان وتم اغتيال شكري بلعيد.
كيف وقع اغتيال شكري بلعيد
في يوم 6 فبراير 2013 كان بلعيد في سيارته، أمام منزله في إحدى مناطق ولاية أريانة، فهجم عليه شخصان يركبان دراجة نارية وانهالا علية بطلقات الرصاص فأردوه قتيلاً، وحينها دخلت البلد في حالة فوضى عارمة، وخرجت المظاهرات من المواطنين والمحامين والسياسيين وناشطين بالمجتمع المدني، بأعداد غفيرة مرددين حالة من العصيان لأسقاط النظام.
وكان بلعيد، من أشد المنتقدين لحزب النهضة الإسلامي، لأنه ذو ميول يساريه وكان ويتهم الحزب بغض الطرف عن العنف الذي يرتكبه متطرفون ضد العلمانيين. وقُتل بالرصاص في سيارته على يد مسلحين، وقد وجهت تهمة القتل إلى شخصيات إسلامية متشددة من عدة أحزاب وقوبلت هذه التهمه بالأنكار الشديد من جانب الإسلامين الذين وجهوا التهمه بدورهم إلى النظام السياسي السابق، ولذلك مكثت القضية سنوات عدة في القضاء التونسي بدون الوصول لقرار.
كما قامت مظاهرات عديدة في جميع أنحاء المدن التونسية تندد بعملية اغتيال شكري بلعيد وتم توجيه أصابع الاتهام مباشرة إلى حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي، ولقد لاقت جريمة الاغتيال في وقتها إدانة دولية من كلِ فرن سا، الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، وأغلب الدول العربية.
وأقيمت له جنازة وطنية، شاركت فيها حشود هائلة، ونقل جثمانه على عربة عسكرية في يوم 8 فبراير2013، من بيت والده بجبل الجلود إلى دار الثقافة ثم بعد ذلك إلي مقبرة الجلاز في تونس العاصمة، ووري الثرى بروضة الزعماء، لاقت قضية بلعيد تعطيلاً في مسارها طوال فترة حكومة حركة النهضة وكان يتم تعطيل المسار القضائي، حتى لا ينكشف من الذي خطط ودبر لهذه الجريمة، ويقول عبد المجيد بلعيد شقيق الشهيد، إن المحكمة كانت رهينة للسلطة وكانت ذات إرادة مسلوبة طوال فترة حكم الإسلام السياسي.
وفي 6فبراير 2023 قررت وزيرة العدل تكوين لجنة خاصة، تعمل على متابعة ملف القضية ومحاسبة كل من تورط في القضية وكل من عمل على تعطيل سير الملفات وسعي إلى طمس الأدلة والبراهين في جريمة القتل.
الأحكام التي صدرت ضد الجناة
وبعد 15 ساعة من المداولات و11 عاماً من التحقيقات والإجراءات القضائية، حكمت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب في محكمة تونس الابتدائية بالإعدام على 4 مدانين والسجن مدى الحياة على اثنين آخرين.
وحضر جميع المتهمين، وعددهم 23 شخصاً، الجلسة النهائية التي شهدت إعلان الأحكام، وفقاً لما أوردته وكالة “تونس أفريقيا للأنباء”.
وتراوحت الأحكام بين السجن لمدد تتراوح بين العامين و الـ120 عاماً، إضافة إلى السجن المؤبد على آخرين فيما يتصل بعملية الاغتيال.
ومنذ تاريخ 6 فبراير 2024 توالت الجلسات المختصة بالنظر في القضية لمحاكمة المتورطين البالغ عددهم 23 متهماً في جريمة اغتيال شكري بلعيد.
ورغم أن بلعيد لم تكن له سوى قاعدة سياسية صغيرة آنذاك، إلا أن انتقاداته القوية لسياسات حزب النهضة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) لاقت صدى لدى العديد من التونسيين الذين كانوا يخشون من أن “الإخوان” عازمون على إخماد الحريات والمكاسب التي حصلوا عليها في أولى الثورات التي اجتاحت العالم العربي وقتها.